المشاركات

سلطان الطائر الذي حلق على أعتاب بتايا

صورة
 يو ميات مسافر إلى مملكة تايلاند الورقة الثامنة يحيى المعشري سلطان الطائر الذي حلق على أعتاب بتايا شمسٌ بعيدة تتوارى بين جنبات مثلث مارين في بتايا؛ تُطل علينا كالخائف من المجهول؛ هذا يحدث عادةً في هذا الفصل من هذه الشهور بين فبراير ومارس؛ ففي صبيحة التاسع والعشرين من فبراير كانت الساعة قد تجاوزت منتصف النهار والشمس لا زالت تتوسط كبد السماء أو كأنها كذلك؛ سمعت صوتًا يأتيني من الأمام وكأنه سراب في المدى البعيد؛ كُنتُ ممددًا قليلًا؛ أستجمع قواي من الجلوس الطويل؛ أستمع لحوارٍ دار بيني و"يوسف" من دولة الإمارات العربية المتحدة وهو من المتيمين بأرض سيام وقد طاف جزرها وبحارها وشواطئها وتعرف على الكثير من مكوناتها وعاداتها وتقاليدها؛ لقد زار جواهر تايلاند كما كان يسميها أي الجزر التايلاندية ومدنها وقراها وأريافها ومنها بتايا هذه وبانكوك وتشنجماي وبوكيت وساموي وهواهين؛ كما تعرّف على العديد من الشخصيات في هذه الأرض؛ انتبهت للصوت القادم فإذا به يطلق سؤالًا عابرًا على حين غرة قائلًا بلكنة محلية عُمانية " ما شيء تمرين في الشاطئ اليوم؟ وبدون أدنى تفكير عرفت أنه أحد الأصدقاء الذين تشا...

في شاطئ بتايا بين بؤساء هوجو وأضواء النهار

صورة
يحيى المعشري ٢٤ أبريل ٢٠٢٣ م هل قرأتم يومًا رائعة هوجو البؤساء لتتعرفوا على شخصياته وأحجياته وسردياته وطريقته في تقليب الأمزجة والتنقل بين الأمكنة؛ هل تابعتم حكاياته العالمية في قصص الشعوب وتسمرتم أمام الشاشات أيام وليالٍ وتملكتكم حالة من ذلكَ الشعور الخفي الذي يقلب أوراق الماضي بكلِ تفاصيله؛ حكاياته وآلامه وفرحه؛ هل زرتم يومًا بقعة في الزقاق المجاور لمنزلكم أم خارج الإقليم الذي تنتمون إليه ونظرتم إليه بعينِ الفاحص الذي يدقق في تفاصيل التفاصيل ويقلب الصفحات فيعيد قراءتها بعينٍ ممعنة وشعور مدقق؟ هكذا كنت أفكر وأنا أتأبط رواية البؤساء في حضرة شاطئ بتايا خلال رحلتي التي امتدت أسبوعين متنقلًا بين جزر السعادة في مملكة تايلاند؛ كنتُ أقرأ صفحة وأجيل نظري في الأرجاء لأقرأ أهم الصفحات وأتساءل ما الذي أجبر فانتين البائسة للجوء إلى طريق الضياع؛ ذلك الطريق الموغل إلى حياة المتعة الزائفة والبؤس الحتمي؛ إنها مهنة البغاء والدعارة إحدى أقدم المهن على مر التاريخ؛ حاولت فانتين أن تستجمع قواها لتواصل رسالتها كأم بتوفير النقود للحفاظ على ابنتها كوزيت مع عائلة تيناردييه، هل تتبدل المبادئ في حياتك بتبدل أوض...

شخصيات من ذاكرة فريق المنتصر الرياضي الثقافي بولاية بوشر

صورة
شخصيات من ذاكرة فريق المنتصر الرياضي الثقافي بولاية بوشر كتب: يحيى المعشري لا يبقى في الذاكرة سوى ما نريد نسيانه" فيودور دوستويفسكي قبل أن أطرق أبواب الذاكرة لشخصيات جميلة لم تمر مرور الكرام في حياتنا فحسب ولم تكن مجرد حروف نخطها في السطور وفي الدفاتر المنسية؛ ولا بعثرات من هنا وهناك؛ ولا مجرد حلم يصحو عند هجران النعاس؛ إنّها شخصيات مطرزة بسوسن الحزن والوجد وحنوط الفراق؛ لقد بدأها أبا حسن الأخ العزيز جمعة بن مسلم السعدي رئيس فريق المنتصر الرياضي الحالي ولاعبه المميز وعلامته الفارقة سابقًا؛ حينما همس في أذني كلمات لم تتجاوز الدقيقة في لقاءٍ عابر بملعب نادي بوشر الرياضي بمناسبة بطولة قدامى لاعبي بوشر في ليالٍ رمضانية نورانية؛ لقد كان حديثًا محملًا بالكثير من المعاني لا يمكن اختزاله في كلمات؛ حديثًا حملني أمانة الكتابة؛ لقد كان من السهل عليّ الكتابة عن شخصيات تعيش بيننا الحياة، نلعب ونلهو ونسافر ونختلف؛ نتحاور ونتناقش ونطير كأسراب الطيور في الأرجاء؛ لكن من الصعب ومن الصعب جدًا البوح عن ذاكرة من رحلوا عن حياتنا لكنها الكتابة ذلك الصوت الداخلي الذي أراده الأخ جمعة السعد...

على مروج المسافات لمعبد بوذا الكبير أتفرس الراهب في تل براتومناك

صورة
  ي وميات مسافر إلى مملكة تايلاند الورقة الخامسة على مروج المسافات لمعبد بوذا الكبير أتفرس الراهب في تل براتومناك يحيى المعشري دأبت على مواصلة سيري بتؤدة بعد أنّ تركت الرجل العجوز وزوجته المسنة وقد شَعرتُ بالحسرة عليهم؛ أنفاسٌ مكتومة وحشرجة تصدر منها؛ لأنهم لم يكملوا الوصول إلى المعبد فقد كانوا في شبابهم فراشات حالمة تعيش على بقعة الضوء وقد كانوا يستطيعون قضاء ما يريدون دون الالتفات لعامل السن- سرعان ما تبددت الحسرة إلى واقع كلنا نعيشه؛ المراحل العمرية تلكَ تأتينا جميعًا؛ طالما لا زلنا ندب على الخليقة؛ نشاهد في المرايا مراحل تبدل وجوهنا وتغير اللون الأسود في شعرنا فيعشعش فيه البياض كزهرة بيضاء سقطت على الأرض نخفيها حتى لا تتطاير مع نسمة هواء عابرة؛ فلا يجب أنّ نقلق . * الأرواح التي اعتادت القلق تظن أنّ الطمأنينة فخ* دوستويفسكي لقد تركت أثرهم خلفي متتبعًا أحد المسارات العلوية المرصوفة والأشجار الظليلة تحفني وكان لوجود الأشجار تلكَ سلوى وعزاء؛ نظير ارتفاع حرارة الجو ومن المؤسف أنني لم أعتمر قبعة تقيني وهج الصيف وحرارة الجو؛ شعرت بنشوة تسري في أوصالي؛ فها أنا على بعد خطوات...

ارتماءات النهار في بتايا وظل أرصفة البوذا الكبير

صورة
يوميات مسافر إلى مملكة تايلاند الورقة الرابعة ارتماءات النهار في بتايا وظل أرصفة البوذا الكبير يحيى المعشري مرَ يومان وتلاه ساعات صباحية دون أن تطأ قدمي أيُ معلمٍ من معالم بتايا السياحية؛ عدا التنقلات المعتادة التي يعمد عليها من يسكن هذا المثلث؛ أي مثلث العرب، بين فندق "وايت روز"؛ مرورًا ببائعة الفواكه؛ كما أنها لم تخرج هذا اليوم أو بالأحرى في هذا الوقت والشمس الملتهبة لا زالت في كبد السماء؛ حيث وجدت لها متكأ أمام فندق "شيري" الذي لم يعد موجودًا عدا من اللوحة والاسم لربما ألمّت به هو الآخر جائحة كورونا؛ والتنقل بين درج مارين بلازا واختراق زقاق "ين سباي" المتاخم لفندق vc أو تخطي البارات العربية المفتوحة المفضية لشارع "الووكينج ستريت" والمعروف باسم شارع جهنم والعياذ بالله وكلما تمر على مسامعي هذه العبارة أشعر بقشعريرة تسري في بدني؛ تكسر حاجز الصمت في السماوات القصية، يبدو أنّ فبراير هذا العام ليس ممطرًا والسماء لم تعد ملبدة بالغيوم أسوة بالفصول الممطرة في هذه البقعة؛ حقًا وكأن ديمة عابرة أرادت أن تطفئ حرارة الفصل في هذا اليوم؛ لكنها كمن أتى غريبً...

مطعم أبو سعيد الجامعة التي لا تَصدر شهادات مختومة

صورة
  يوميات مسافر إلى مملكة تايلاند الورقة الثالثة مطعم أبو سعيد الجامعة التي لا تَصدر شهادات مختومة يحيى المعشري هل جلستم يومًا في كرك نادية في سوكومفيت بانكوك نانا العرب تمعنون النظر في الذاهبون والآيبون، تصيخون السمع لقصص الشعوب من تلكَ البقاع أو تعقدون صفقة تجارية تزيد من مدخولكم الشهري؟ هل ألقيتم يومًا نظرة ممعنة على روائع نجيب محفوظ نديم فهمي الفيشاوي في مقهاه في الحسين بالقاهرة لتتعرفوا على أنها واحدة من أماكن الكتابة لرواياته الخالدة؟ هل تبادلتم نظرات سريعة يومًا في المقاهي الشعبية القديمة التي يَفِد إليها المتعبون من الأسفار من أدنى الأرض إلى أقصاها؛ نعم لقد عشت الأجواء تلك في مقاهٍ كانت أم مطاعم أو ردهات تقدم فيها الخدمات؛ يستأنس فيها العابرون لتكون ملاذهم في زحمة المشاوير، ويلتقوا لتبدأ أحجياتهم منها وإليها. كنتُ أحدق في أبو سعيد وأنا أهمّ بغسيل يداي بعد وجبة غداء وُضعت ضمن القائمة المعروضة في الخارج على واجهة المطعم؛ أي مطعم أبو سعيد ذائع الصيت في منطقة بتايا في مملكة تايلاند ومن مدخل البوابة الزجاجية شرعت بالدخول؛ كانت وجبة دسمة بامتياز مكونة من الرز ونصف دجاجة مع...