المشاركات

الدكتور سائق سيارة الأجرة- الأردن- عمّان

صورة
كتب يحيى المعشري ysk24@hotmail.com الدكتور سائق سيارة الأجرة- الأردن- عمّان. ندماء السفر في مهمة عمل رسمية على مدخل مدينة جرش الأثرية   هذه القصة ليست ضرباً من خيال، وليست أسطورة من أساطير الزمان( كان يا ما كان) وغرائبه التي تُحكى لنا ونحنُ صغار، هذه القِصة إحدى مفاجآت السفر بمعية زملاء العمل في مهمة عمل تنويرية تستهدف إعطاء العقل البشري فسحة من التفكير والتفكر في تجارب الدول وما وصلت إليه على الصعيدين العلمي والعملي والذين سأسميهم جاهداً في سياق السرد، فقبل أن أبدأ بخط أول حرف من حروفها، دثرت نفسي قبل الشروع إلى النوم بأكاليل عتيقة حتى أزيل ما تبقى من ملابسات يومي، وملأتُ أوراق مذكراتي بأحبارٍ زرقاء وسوداء حتى لطخ بياضها العالق فغدت بائسة، حائرة مما تراه أمام عينيها من جفول، فاغرورقت أجفاني بدموع باردة فتجاهلت الأمر مراراً وتكراراً، وتذكرت المرحوم العزيز حمد السعدي الذي أحزنني فراقه وفاضت دموعي تبكيه ألماً عندما غادرت روحه إلى الرفيق الأعلى، فما أصعب أن تجد انساناً صادقاً صدوقاً مثل "حمد". كان "حمد" يلازمني وثلة من الرفاق في أغلب تحركاتنا بين الأز...

رحلات الوالد محمد بن عدي في الحياة

صورة
  كتب يحيى المعشري   يصحو الوالد محمد بن عدي المعشري باكراً وتصحو معه همم رجل الزمان والمكان، يصحو الوالد محمد بن عدي تاركاً أحلامنا الوردية خلف كثبان الحيرة، يقوم صباحاً ومعه أدوات السف والحياكة، يصنع من خلالها ما يشعره بالسعادة ويبعث في نفسه شيء من عبق الماضي، يغزلُ مع كل بسمة عابرة في كل صباح لحظة فرح وصفاء، فبقى غني بالعزة وبقت معه خصال انسان الأمس، وكما عودنا الوالد محمد بن عدي يأبى أن يلطم الوجه حسرة على ما فات، يأبى الوالد محمد بن عدي أن يتسول المال فعاش حياة العطاء والكِفا ... ح، فانعتق من قيد السؤال وظل يعمل طوال يومه، بين نهار مشمس ومساءٍ قائض، بين أيام عصيبة وادبار الناس، لم يلهث الوالد محمد بن عدي خلف العطايا والهبات، ولم يسكن خلف دياجير الظلام، بل ظل يعمل ويعمل ساعات طوال بلا كلل أو سأم، ظل يفترش الأرض لا ليسأل الغادي والذاهب، بل أخذ ينسج من عرق جبينه أروع الصنعات، وظلت تلازمه كما تلازم الفراشة الأم يرقاتها الصغار، وظل يعبث بأنامله الطاهرة العفيفة على مسلته فخرج من بينها (السمة والقفير والشت والمخزف والخصف بأنواعها المختلفة، فتراه بعد كل حياكة تخرج جاه...

بين العامرات وبوشر، الوالد مسعود بن حمد الجابري مآثر ليست من زماننا

صورة
كتب  يحيى المعشري الوالد مسعود بن حمد الجابري على عتبات الماضي يُطل علينا الوالد مسعود بن حمّد الجابري كل صباح في باحة منزلنا القديم بقرية قلهات، منزلنا الذي ولدت فيه كان أشبه بجذع نخلة ينحني على ساقية مقصورة المربع في بني عمران، فهناك بدأنا أولى فصول الحياة، وفي جال نستدعي ثيمة الذكريات بما تحمله من تفاصيل عالقة في تخوم التاريخ، ففي ساحته "السجم" المصنوع من جريد النخيل والمرصوص بحجارة صلبة مثبته على جذع نخلة، وفي دهاليزه تلوح في الأفق الروزنة فيخترقها المجمر وهو ينفث أنواع البخور وأطيبها رائحة، وفي الشرفة العلوية يقبع الشت معلقا وكأنه طائر حطّ من بعد طول مسير لا يريد أن يبرح مكانه، يطلُ علينا الوالد مسعود وتُطل ابتسامته المرهفة مصحوبة برقة انسان ذاك الزمان الذي لازم البساطة ولازمته ليعيش لحظاتها بما تحمله من عطف وتواد، يحرصُ الوالد مسعود على طرق أبواب الواجب التي تُحتم عليه أن يلبس ثوبها وتتلبسه كما تتلبس الجنية المُبتلى، ما أروعها من قيمة عندما يبتلى المرء ببلاء العطف وزرع أواصر المحبة والتسامح، يحرص الوالد مسعود على مواصلة القريب والبعيد، لا يفوت زيارة أهله ول...

القِمامة العشوائية.. طاقات مرهقة وموارد مهدرة

صورة
القِمامة العشوائية.. طاقات مرهقة وموارد مهدرة. كتب يحيى المعشري ysk24@hotmail.com   يقول العالم الفيزيائي ألبرت أينشتاين “انظر بعمق إلى الطبيعة وبعد ذلك سوف تفهم كل شيء أفضل. في هذه المقولة الشهيرة تحدث أينشتاين عن الطبيعة مؤكداً ومشيراً إلى مكانتها وما تحويه من كائنات والعوامل المحيطة بها وأهميتها للإنسان الذي خلفه الله سبحانه وتعالى على الأرض ليعمرها ويحافظ عليها- من هذا المدخل سوف أعرج إلى جزئية مهمة باتت تؤرق المجتمع والمهتمين بالشأن البيئي على الصعيدين المحلي والإقليمي. القمامة العشوائية أو القمامة السائبة، ما تعرف اليوم بظاهرة رمي المخلفات خارج الحاويات، يبقى جلياً وليس خافي على أحد بأن ما تخلفه الأيادي التي ترمي المخلفات خارج الأماكن المخصصة فعلٌ يضر بالنفس البشرية التي تتقوق دائماً وأبدأً إلى رؤية ما هو جميل ونظيف في الطبيعة، سواء في مواقع التنزه والتي سأفرد لها بعون الله مساحة خاصة في قادم الوقت، أو في أماكن التجمعات السكانية، فلا تأنس النفس ولا تستكين عندما ترى القمامة مبعثرة من هنا وهناك فتومئ لدى العين من أول وهلة انطباع غير حميد وغير مستساغ عن البلد، بالت...

ركن الكرك بالخوير

صورة
ركن الكرك...   كتب يحيى المعشري .. رحلة شبه يومية أقضيها كما يقضيها غيري من أبناء جلدتي ومختلف السحنات من مشارب الأرض في هذا المقهى، مستمتعين ومتلذذين باللقاءات الحميمية ودفءِ الوجوه السمحة التي تلتقي ها هنا؛ رغم بساطة المكان ورغم ضمور الممرات وتدافع السيارات من كل صوب، لكن ثمة رابط زاد المكان أهمية؛ أدعوكم لاستكشافه والبحث بين ثناياه لربما حدسكم يميط اللثام عن تساؤلاتي وربما ما أراه أثناء جلساتي يختلف ملياً عن ما ترونه.. هيا معي عشاق الكرك في هذه الرحلة ولتحزموا الأمتعة فموعد الإقلاع قد حان.. ...تواريتُ خلف إحدى البنايات الشاهقة في منطقة الخوير، قاصداً إحدى المقاهي الصغيرة بها، مستفكراً ذلك الحِراك البشري في تلك البقعة التي بالكاد تكفي أعداد بشرية لا تتجاوز أشخاص معدودين، ففيه تتسابق الأرواح وتتقاذف الأقدام، بعضها تهفو جاثمة، تتثاقل بخطواتها من كثرة الأفكار التي تُرهقها، والأخرى تتسابق للوصول إلى.. إلى أين يا تُرى.. هذه المرة.. إلى أين يا رفاق.. إلى مقهى "ركن الكرك"، بضع كراسي بيضاء ذات شكلٍ دائري كأوشحة الأكفان في لمعانها، مصفوفة من هناك وهناك، عارية من ِكل شيء...

القاهرة أحداث وشواهد

...القاهرة أحداث وشواهد.. ... مشاهد ومعايشات من أم الدنيا... القاهرة (4).. كتب يحيى المعشري وكأي الرحلات التي يقوم بها المرتحل في أصقاع الأرض تفاجئه بعض الإرهاصات الغير متوقعة، ساقنا القدر هذا اليوم إلى معترك من معتركات الحياة بما تحمل في طياتها من مفارقات؛ بين المنطق واللامنطق، فالمنطق كما جرت الأعراف عندما تقوم بالتخطيط لرحلة معينة من رحلاتك اليومية التي تقوم بها في هذه الدول وفق جدول زمني محدد ومخطط، فالتنسيقات التي تقوم بها تمضي وفق منهجية واضحة المعالم، واللامنطق أن تسوقك الأقدار إلى مناحي خارجة عن الإطار المتوقع، فلنحزم الأمتعة ولنتفيأ ظلال الشوق للسفر والترحال إلى هناك في العالم المليء بالأحداث الشائقة. استيقظنا في صباح يوم جميل في القاهرة، لم نخطط على ما يبدو في هذا اليوم أين ستكون وجهتنا، كنا نبحثُ عن فندق أو نزل يلبي رغباتنا، فقد أوقعتنا الأقدار تحت رغبات أحدهم وكانت الصدفة ونحنُ نهم بالنزول من قطار الإسكندرية- القاهرة، هذه المرة لم تكن كسابقتها عندما أتينا من القاهرة إلى الإسكندرية، هذا المرة قطعنا تذكرة على القطار الفرنساوي السريع ذا المقصورة الجميلة والأنيقة، ...

قبل أن تسقط دمعة الشيخ المُقعد

صورة
  ...من ميامي الساحرة إلى حدائق المنتزه الملكية.. ... مشاهد ومعايشات من أم الدنيا... الإسكندرية (3).. كتب يحيى المعشري بدت جولتنا اليومية في الإسكندرية أشبه بمحطة القطار، أو كدورة حياة الفراشة بدءاً من البيضة ومروراً بمرحلة اليرقة إلى الشرنقة، لتصبح بعد ذلك فراشة مكتملة الأجنحة، تحلقُ وقتما تشاء وإلى حين ترغب وتعود أدراجها مرةً أخرى، وهكذا قطار الحياة في الإسكندرية ما أن يرحل أول القطارات ناقلا ركابه، إلا ويظهر الآخر ليقوم بنفس الدورة، ما إن فرغنا من ترتيب ملابسنا التي اخترناها لتكون رفيقنا في رحلتنا لهذا اليوم، انحدرنا من الدور الرابع إلى الدور الأرضي، كانت الشقة التي تشغل الطابق الرابع كله متعددة الممرات والصالات والشرفة الفسيحة المُطلة على الكورنيش، كبسة زر هي الفاصل بين البقاء والوصول_ صباحكم فل كلمة قالها البواب "حسن: الذي اعتاد أن يلقي علينا التحايا الصباحية والمسائية في كل مرة نلاقيه فيها، ويحلو له نعتنا بالدكاترة، لا أدري كيف له أن يُطلق علينا هذه اللقب أم هي ترنيمة اعتاد عليها أقباط مصر في تعاملاتهم اليومية لمن يودوهم ويكنون لهم التقدير، دلفنا الطريق المحا...