القِمامة العشوائية.. طاقات مرهقة وموارد مهدرة

القِمامة العشوائية.. طاقات مرهقة وموارد مهدرة.

كتب
يحيى المعشري ysk24@hotmail.com
 
يقول العالم الفيزيائي ألبرت أينشتاين “انظر بعمق إلى الطبيعة وبعد ذلك سوف تفهم كل شيء أفضل. في هذه المقولة الشهيرة تحدث أينشتاين عن الطبيعة مؤكداً ومشيراً إلى مكانتها وما تحويه من كائنات والعوامل المحيطة بها وأهميتها للإنسان الذي خلفه الله سبحانه وتعالى على الأرض ليعمرها ويحافظ عليها- من هذا المدخل سوف أعرج إلى جزئية مهمة باتت تؤرق المجتمع والمهتمين بالشأن البيئي على الصعيدين المحلي والإقليمي.
القمامة العشوائية أو القمامة السائبة، ما تعرف اليوم بظاهرة رمي المخلفات خارج الحاويات، يبقى جلياً وليس خافي على أحد بأن ما تخلفه الأيادي التي ترمي المخلفات خارج الأماكن المخصصة فعلٌ يضر بالنفس البشرية التي تتقوق دائماً وأبدأً إلى رؤية ما هو جميل ونظيف في الطبيعة، سواء في مواقع التنزه والتي سأفرد لها بعون الله مساحة خاصة في قادم الوقت، أو في أماكن التجمعات السكانية، فلا تأنس النفس ولا تستكين عندما ترى القمامة مبعثرة من هنا وهناك فتومئ لدى العين من أول وهلة انطباع غير حميد وغير مستساغ عن البلد، بالتالي ينبغي علينا جميعاً أن تكون لنا كلمة حاسمة ولنخرج من شرنقة الصمت تجاه كل من تسول له نفسه العبث بمقدرات البلد من خلال تجاوز المفاهيم والأعراف، وهذا ينعكس بطبيعة الحال على الوطن الذي يتكبد مبالغ طائلة من أجل إزالة ما تخلفه تلك الأيادي العابثة. هناك جهات معنية بأمر الحفاظ على النظافة لا يهنأ لها بال عندما ترى المخلفات مبعثرة فتقوم بتحريك عتادها وقواها البشرية لإزالة المخلفات فتضطر إلى أن تدفع المال من خلال استئجار المعدات وتعزيز بلدياتها بالعمال وتكثيف الرقابة على المواقع السياحية التي أسست من أجل المجتمع والزائر على السواء.
 
بات جلياً أن دور الفرد اليوم لا يقتصر على التعريف بالظواهر السلبية التي تجتاح البيئة فحسب، وإنما هو ذاته مطالب أن تكون له كلمة السبق وأن يدلي بصوته وتتبعه أفعاله من خلال المشاركة الفاعلة في الحفاظ على الموائل الطبيعية والإشارة إلى المخاطر التي قد تعترض البيئة وصحة الإنسان، فهناك جملة من الأفعال السلبية والتي لا أحب أن أظهرها هنا في هذه المساحة كي لا أتهم بالسلبية، فلا يعدو الأمر مطلقاً ألبته، ولكن وجب عليّ بما أنني مواطن يحمل ثقل المسؤولية تجاه البيئة التي تحتاج منا إلى المزيد من العمل والمزيد من الاهتمام بالصورة اللائقة التي تدفع بها إلى المسار الصحيح. أنزعج تماماً من المشاهد المتكررة التي أشاهدها عبر منصات التواصل الاجتماعي حول قيام عدد من أفراد المجتمع برمي القمامة من سياراتهم أو تركها في أماكن جلوسهم بعد أن يهنأوا في الموقع برهة من الزمن ضاربين عرض الحائط بجميع القوانين والأنظمة التي جرمت هذا الفعل الشائن وأهمها القوانين الربانية التي ذكرت في مواقع شتى فداحة العمل موثقة بالأحاديث النبوية الشريفة ودورنا كبشر في التعامل السليم مع هذه التصرفات أو التصدي لها بالتوعية والتثقيف من خلال تغيير الصور النمطية للرسائل الموجهة إلى عموم الناس بغية تغيير تلك المفاهيم والأيدلوجيات التي لم تعد كالسابق، وإذا كان الفرد في مجتمعنا قد استن في معاملاته سنة حميدة أثناء تجمعه مع محيطه من أبناء فلذته أو من يمكثون بجواره بالتمسك بالقيم الرفيعة، كدماثة الخلق ولين الجانب وحسن الطالع فحري به أن يتعامل بذات الخصال مع الطبيعة بعدم تلويثها بالقاذورات والأوساخ.
 
أدعو الجميع أفراداً وجماعات أن يشمروا عن سواعد الجد من خلال المشاركة جنباً إلى جنب مع الجهات الحكومية للقضاء على القمامة العشوائية “القمامة السائبة”. فهناك طاقات بشرية مرهقة متمثلة في عُمال النظافة والمشرفين الذين يجوبون الأمكنة والأزقة من أجل لقط أو كنس ما خلفته الأيادي التي لا تبالي بالجهد المبذول تحت وطأت أشعة الشمس الحارقة، وهناك وموارد مالية مهدرة متمثلة في الآليات والمعدات تتحرك لإزالة القمامة الملقاة من هذه المواقع لتتركها في المواقع المخصصة.
 
أخيراً علينا التنبه بأن سلطنة عُمان تقع ضمن المناطق الجافة وسطوع الشمس في أغلب فصولها مرهقة وهناك عامل نظافة غربته الحاجة فلا تزيدوا معاناته برميكم القمامة العشوائية “القمامة السائبة” في الطرقات فلنكن حريصين على سلامة البيئة ونقول “لا للقمامة العشوائية من أجل عُمان.
 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكايات من عينت والشطيفي؛ جولة في تخوم مطرح

من باحة سيدي أبو العباس المرسي إلى بيت ريا وسكينة

بين الشخوص والأمكنة، تجوال في أحياء بلدة بوشر