في "مج" MUG كوفي أبحث عن محمصة مختصة كظلي


في مقهى مج كوفي أبحث عن محمصة مختصة كظلي

يحيى المعشري

ins.yahyamashaari

في شتاءات مسقطية لا تشبه الشتاءات الإيرانية وفي وعامٍ جديد مملوء بخيارات أخرى في عالم عشاق الفاتنة السمراء القهوة؛ ثقافة تطير في سماء الأفكار العُمانية وتسبح في لجج بحار عُمان؛ تطوف المحيطات والقارات، تلامس دقل السفائن وأشرعتها، أرخيتُ سمعي إلى قصص أتت من خلف القارات لا تقبل عالم الأساطير الفنتازية ولا تساوم على جدلية الوجود في هذا العالم؛ قولًا وفعلًا وهمسًا؛ أصغيت بإمعان إلى ذلك الصوت المنبعث من خلف المذياع الذي يحمل تنهدات لا تبرح أن تتوارى خلف عالم النسيان، إلى تلك القاعات التي تحتضن الندوات والمؤتمرات والحاضنات؛ قالت المذيعة للضيف بصوتٍ ممزوج بالشك هل هذه الأنواع من القهوة قادرة على الصمود في عالمنا؟ نعم قالتها هكذا وأخذت تكررها وكأني أراه من خلف المذياع يهز رأسه مذعنًا لتلك العبارات المتتابعة عبر الأثير، هل هذه العلامات التجارية قادرة على مقارعة العلامات العالمية القادمة من خلف القارات في رحلة صمود أتت محملة في السفن ببطء؛ لتقول كلمتها الأولى في أوطاننا ونتلقفها طائعين لا نملك خيارات ولا مقارنات، منقادين إلى ثقافتهم وعالمهم؛ يصنعون تشكيلات لأمزجتنا ورغباتنا وهويتنا من خارج عالمنا العربي.

لا زال ذلك الصوت يطن في أذني إلى أن أتت المقاطعة محملة بالمفاجآت السارة؛ فرأيت المتشبثين بالعلامات العالمية الكلاسيكيين يترددون كالمخمورين هل ينسحبون أم يبقون معلقين على أنغام الماضي؛ ها هم بدأوا يطرقون أبواب العلامات المحلية والخليجية على اعتبار أنني أكتب حروفي هذه من الرواق الداخلي لمقهى "مج" ويخبرني "جوجل" عن لمحة جميلة جدًا على الرغم أنها مقتضبة لكنها لمحة جميلة كُتبت بجمال ولطف وتحتاج إلى الكثير والكثير "ظهرت شركة مج كوفي ومحمصتها في الكويت في عام 2016 عندما كنّا عملاء منتظمين في أحد المقاهي المحلية، تستخدم محامصنا المعتمدة من ( أس سي إي) أفضل المعدات لتوفير القهوة المحمصة الطازجة يوميًا لتلبية حتى المنصات الأكثر طلبًا".

فتشت بين الصفحات عن تعريف يحيلني إلى منشأ قهوة "مج" كافيه في سلطنة عُمان كيف دخلت ومن وكيلها وأي الأروقة احتضنت البواكير وأي العدسات اختارت موقعًا لها لتكون الأول في توثيقها فلم أعثر؛ قررت أن أسأل أحدهم عن فكرة القهوة هذه ومن صاحبها والظروف التي ساقته ليبدأ مشروعه في الخليج والسلطنة فأرجأت أسئلتي قبل الشروع لكتابة هذه الشذرات وأنا في مقهى "مج" كافيه في "بناية المدينة" بمدينة السلطان قابوس في محافظة مسقط، دارت في ذهني فكرة أن أضيف نكهة عربية في خواطري هذه عن هذا المقهى من الذكاء الاصطناعي عن أول من صنع القهوة العربية فتجولت ببصري إلى منتصف القرن التاسع عشر الهجري فرأيت رجل الدين جمال الدين أبو عبدالله محمد الذبحاني الحبشي الذي كان يأتي بالقهوة ليقدمها إلى أهل بيته وأصدقائه وضيوفه لتعديل المزاج وللتعافي من الشرود الذهني والوهن والإجهاد.

ها هو الرد يأتيني من إدارة الشركة في مسقط عبر منصتهم بتمتمات أسرها الخليل بن أحمد الكندي عن الافتتاح الأول في عام 2020 في الخوض إحدى الحواضر المسقطية، لقد جمع "مج كافيه" بين المشروبات الباردة والساخنة والشاي البارد بفن كالرسام الذي يرسم لوحته بمزاج وكالإزميل الذي ينقش بحب على قلوب الهائمين في سكنات المزاج ومن الكويت انطلقت الشرارة لتتوسع العلامة من شرفات المغرمين بالفاتنة السمراء إلى دول الخليج فاتسعت شهرتها ومكانتها كالحلم الساهر في تقاسيم المساء، ولأن الكندي ورفاقه رأوا حلمهم العُماني يتوسع في فترة المتحور كورونا كما أقرأ في شذراته وكأنهم يدلقون بألسنتهم "من رحم المعاناة يولد الإبداع" فقد كانت هذه الفترة هي النقلة النوعية لمشروعهم وهي الفترة الزاهرة والزاهية ليروا حلمهم يكبر شيئًا فشيئا؛ كالتلميذ الذي يتخطى مراحله الدراسية بنبوغ وبين هذا الحلم الذي أقرأه الآن من مقهى "مج" كافيه في رابية مدينة السلطان قابوس، أتذكر بداياتي وزياراتي الأولى لتجربة ارتشاف القهوة وتلمظ حلم أبناء عُمان في مقهاهم بمول عُمان في ولاية بوشر، وهي مسقط رأسي، مرّ على مكوثي هنا ساعتان ونيف من الوقت ولا زلت أتلمظ قهوتهم وكأنها عُدّت للتو، يرمقني البارستا بابتسامة عابرة وهناك على الطاولات المجاورة توجد فتيات يجمعهن سوسن الأنس وأحاديث الحياة وفي الطاولات المتفرقة والتي صُفت بإتقان يوجد شباب يرتدون الزي المحلي يتهامسون ويوشوشون لربما ينتظرون حلمهم القادم من بعد مغادرة المقاعد الدراسية ليبنون على حلم "مج" كافيه فكرة أخرى يطلقونها محليًا وإقليميًا وقاريًا؛ نعم هي أمنية مختزلة في قلب الجميع أن ينالوا الحرية بالولوج في المشاريع الشبابية؛ ثمة وردة وقعت على الأرض وكتاب يُحلق بنا إلى عوالم القراءة وكراسي في الخارج بلا ستارة بحاجة إلى مظلات تحجب أشعة الشمس المتسللة من خلف البنايات وثمة أمنيات وطموح قالها شبابنا في كلِ الأوقات كما يقولها القائمين على مج كافيه في هذه اللحظة التي أرسم بها على اللوحة أبيات مغزولة بندى الحب والجمال وطعم الفاتنة السمراء في مقهى مج كافيه.

 

جلسة ضمن جلسات القراءة والكتابة في مقهى مج كافيه في أحد أفرعه 










تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكايات من عينت والشطيفي؛ جولة في تخوم مطرح

من باحة سيدي أبو العباس المرسي إلى بيت ريا وسكينة

بين الشخوص والأمكنة، تجوال في أحياء بلدة بوشر