حكايات من عينت والشطيفي؛ جولة في تخوم مطرح
ذات صباحٍ دافئ مصحوب برطوبة عالية؛ جاء منادٍ يهاتفني من الزميل قيس الجابري، توارينا خلف عقبة بوشر العامرات؛ بعد أنَّ فرغت من جميع النشاطات البدنية؛ حينها التّم شمل قيس وخالد العنقودي وأنا، تاقت النفس لهذا اللقاء، كان صباح يوم الخميس الموافق ستة آب ٢٠٢٠ ميلادي وبينما العالم يمور في موجة كورونا، أدرت مقود السيارة لتطوف بنا هذا اليوم إلى قرية عينت الوادعة في أطراف ولاية مطرح، ثمة مسارٍ يجذبنا إلى مطرح، ها هي الساعة تشير إلى التاسعة صباحًا وها هو النهار يرخي صفحاته؛ بعد ليلٍ طويل أعلن سدوله؛ قضيناه بين أنياب الحجر الجزئي الذي اقتضى أنَّ يكون من الساعة السابعة مساءً إلى السادسة صباحًا من اليوم الموالي، الباعة قد أعادوا فتح محالّهم التجارية بناءً على قرارٍ رسمي، سكونٌ شلَّ حركة مطرح، ومناشدات الأهالي ترشق الصفحات التويترية بعد أنَّ ضاق بها الحال، بناية طالب لم تعد تناغي صوت ديــزل وهو يصيخ السمع إلى مواء القطط في رواقه، أين حارة العرين التي بدت تتثاءب من سكون المكان، أين نازي مويا وأين بائع الزلابيا والقرون سبال وأين بسطة قوس النصر المتاخمة لمركز الشرطة لبائعي الحمضيات والأجبان الميبسة وأين أيادِ الذين يلاطفون المارة في رحلة الذهاب والإياب لروّاد سوق مطرح، تركنا تلكَ الأسئلة تتكور في عمائم البائعين وطفنا الشوارع الداخلية وقد بدت خالية تمامًا من حسيس البشر؛ عدا بعض السحنات الآسيوية، تجاوزنا مطرح بعد أنَّ رمقنا أشرعة البندر واليخوت السلطانية ودقل السفائن الصامتة، حملقنا بخفة إلى قلعة مطرح وكانت كسارية العلم الذي يرفرف في عليائها، وبينما كنّا نهم بالخروج من غفلتنا، أيقظنا ذلك المارد الساكن في دواخلنا؛ فأيقنّا أنَّ مرورنا على مطرح لم يكن ضربًا من خيال، مرقنا على دوار السمكة فأخذنا نختلس النظر إلى المدرسة السعيدية وكم وكم من الحكايات التي رُوِيت بداخل رواقها وكم وكم من الشخصيات التي داعبت الطباشير ورسمت على سواد السبورة مناقبها البيضاء؛ وكانت أفئدة خرجت من شرنقة الكتاتيب تحت أشجار الرول والسدر وظِلال العوابي إلى أولى المدارس النظامية التي تفتقت من روح النهضة العُمانية، تركنا المدرسة السعيدية فإذا بنا نرمق بيت التاجر المطرحي باقر اللواتي وجدار سور اللواتيا، ولأننا محصورون بالوقت كانت عقارب الساعة تتحرر من مكانها، تبعثر نزف الدقائق، تلاحق بعضها؛ حتى توشك أنَّ تلدغ أحلامنا وخطواتنا، فإذا بأطراف ميناء السلطان قابوس، حيث مبنى مركز الشرطة وهناك نسجَ التاريخ المطرحي حكايات تدق في عالم النسيان، ففيها شرفة أخرى من شرفات الذاكرة يرويها لي الصديق الرحال خالد العنقودي وعينه وروحه معلقة في ذاكرة الراحل والده، فمنه كان يستقي أخبار مطرح وساكنيها فيدلف خواصر (الشطيفي ودارسيت الساحل والطويان وعينت ودوحة الكثيريين اللسان الصخري بين كلبوه وريام التي تبعثرت أوراقها بإنشاء مطعم الانشراح في ثمانينيات القرن المنصرم).
ركنّا السيارة دقيقة وكانت أشبه بالصمت في خلوة الروح وصفاء الذهن؛ نتأمل صوت صرير الباب في أحد المقاهي المواربة، فأخذ العنقودي يسرد ما تبقى في الذاكرة عن الشطيفي وفيها ارتباطٍ وثيق مع عينت دارسيت وشعبية بوشر، اندلقت من لسانه أولى الروايات عن توسعة ميناء السلطان قابوس، فلوّح بيده إلى الجهة اليسرى من مبنى مركز الشرطة، تلكَ المساحة البسيطة في تكوينها تحمل في طياتها حكايات أزمنة وأفئدة سكنت المكان وداعبت الرمال، فقد أصبحت السفن ونيسهم ومراكب الصيد نبضهم الذي يلتجئون إليه في زحمة الحياة.
صورة قديمة توضح قرية الشطيفي قبل قرار الإزالة للمنفعة العامة
لمحنا الشاحنات تهدر جئيةًً وذهابًا إلى الميناء ولم تعلم شيئَا عن الإنسان الذي سكن المكان ولم تعلم ماذا يعني ذلك الخليج الصغير في فرضة من فرضات مطرح، انعقد حاجبا خالد العنقودي في صرامة شديدة وهو يقول: كان هذا الخليج كما يعرف بين الأنام عبارة عن ساحة تقع على مرفأ كورنيش مطرح وكأي الأخوار الساحلية تعتبر الضفاف مكانٍ آمن لمن يودون الاستيطان وبما أنَّ مطرح كانت الدانة التي يتكور عليها الناس من كل مكان؛ لِما تتمتع به من حياة نابضة؛ هي النبع العذب الذي يروي ضمأ المتعطش لرؤية الحياة بكافة تجلياتها، آثر بعض ممن قَدِموا إلى مطرح ولبعد المسافة التي يقطعونها من قراهم أنَّ يمكثوا فترة زمنية في منطقة عُرفت فيما بعد باسم "خليج الشطيفي" والشطيفي كما أحسب تعني الشطفة من الشيء أو المفردة وهكذا كان الدارج المحلّي في تعريف المسميات وهكذا كانت الهجرات سابقًًا بسبب ضنّك العيش وقلة الخيارات؛ فأغرى "خليج الشطيفي" القادمين من ساحل الباطنة بشقيه الجنوبي والشمالي وساحل جنوب الشرقية وقريات وظفار والمناطق الساحلية المجاورة؛ فاستأنسوا المكان وطابت لهم الإقامة؛ فالبحر كان من المصادر المهمة للحياة عندّ الكثيرين ولا زال، تمامًا كالفراشات الحالمة التي تعيش على الضوء؛ يأنسون أشرعة المراكب ودقل السفائن، يصحون على ترنيمات النوارس وصياح الغربان، يتأبطون القفران المليئة بالسمك وبيوتهم خالية من صخب الحياة وضجيج المدن الحديثة، كانوا بسطاء في مطالبهم، البيوت تتحسس الطوب وجريد النخيل، وفي بواكير الصباح ينتشرون في الأرض وبيدهم قناديل تنيرها قلوبهم في عتمة الليالي قبل أنَّ يعبث ضوء النهار بالليل.
"ويشير تاريخ عمان العسكري، بوجود مصنع في قرية الشطيفي لصناعة الأسلحة والمدافع؛ يتبع السيد سعيد بن سلطان، وقرية الشطيفي، كانت من القرى العامرة في مطرح، حتى ضمت إلى ميناء السلطان قابوس، وسجل التاريخ يشهد لها أنها تمتاز بالمنازل الجيدة وذلك في الحقبة من القرن التاسع عشر.
داهمنا ضحى النهار الملفع بالغيوم، ينظر شذرَا إلينا، كان قيس على عجلة من أمره؛ لارتباطه بأمرٍ يتعلق بالمنزل، ساعتها قفزت فكرة إلى عقلي وأومأت برأسي إلى خالد العنقودي قبل أنَّ أباغته بسؤالٍ، ماذا عن القبائل التي تسكن "خليج الشطيفي؟ في هذه اللحظة تذكرت بعض القبائل التي حدثني عنها صديق العمل "وليد البطاشي" " قبل أنَّ تفرقنا المراسيم السلطانية، فالقبائل المعروفة العالقة في الذاكرة والتي لم يطويها النسيان بعد هي:( الوهيبي، البطاشي، العويسي، السيابي، الحسني، الفلاحي، الفوري، الخضوري، القاسمي، الحرمي، المنصوري، المعشري، المسروري وغيرها من القبائل التي سقطت من ذاكرتي) وعندما أتتبع القبائل التي قطنت "خليج الشطيفي" وجدت غالبيتها من القبائل الساحلية، إلا فيما ندر، يحدث كثيرًا أنَّ نحدث أنفسنا عن ماضينا وننظر فيه بعين فاحصة دون أنَّ نرسمه في خيالنا ونسقطه على حالنا ووضعنا الحالي، فالأيام تمامًا كسوسنة ضئيلة زرعت في حقلٍ غير معروف؛ تركت حبوبها تواجه قسوة الحياة، وفي مطلع ثمانينات القرن المنصرم، بالتحديد السنة الأولى من عام (١٩٨١) ميلادي، كانت توجيهات الحكومة وتوجهاتها مختلفة؛ فخرجت التوجيهات المطٌاعة؛ ببعثرة السوسنة بعد أنَّ وجدت في الشطيفي ملاذها الآمن والهانئ وكان المرسوم السلطاني رقم (١٠/ ٨١) في عهد الراحل السلطان قابوس بن سعيد طيب الله ثراه تكمن أهميته في عملية التنظيم الإداري ونزع الملكية للمنفعة العامة وقد فُند إلى ثلاث مواد أساسية، وصدر في ١٠ ربيع الأول سنة ١٤٠١هجري الموافق ١٧ ينايــر سنة ١٩٨١ ميلادي وعلى وزير الشؤون الاجتماعية والعمل الإشراف المباشر على الإزالة والتوزيع.
ولأنه يصب في صومعة المنفعة العامة كما خُطط له، فقد تم تقسيم انتقال أهالي "خليج الشطيفي" إلى عينت القرية المجاورة وشعبية بوشر في ولاية بوشر وفي ذلك فضّل كبار السن البقاء في عينت أما فئة الشباب والمعروفين بين أهالي قرية الشطيفي بـ "الوِلد" بكسر الواو، فكان أي فرد من أفراد خليج الشطيفي مرتبط بعقد زواج تتعهد الحكومة بتوفيــر مسكن شعبي مستقل له، فهاجر الأبناء إلى مقرهم الجديد في شعبية بوشر وبقي الآباء أو فئة كبار السن الذين يمتهنون مهنة الصيد في قرية عينت، يسابقون نوارس فرضة عينت في بارقة كل صباح.
اندفعنا إلى دارسيت الساحل فإذا بها وادعة تداعب رمال البحر، الأمواج من كل حانب، تبدو لي وكأنها تصدر وميضًا، القوارب بدت حزينة، البحارّة لزموا منازلهم، ولجنا إلى الداخل بعد أنَّ تجاوزنا "العقبة" فإذا بقرية عينت الغنّاء وقد أرخت طرقاتها كما ترخي الحسناء جدائلها، قال قيس وقد كانت الدهشة على وجهه مطنبًا في إعجابه؛ إنني أرى تمازجٌ مدهش يأسر الألباب، الشرفات تطل على الأفئدة وكأنها على موعدٍ صباحي، النوافذ والأبواب تتقابل في نمطٍ عمراني هندسي متفرد، الأزقة تضيف بعدًا جماليًا وبينما كان قيس الجابري وخالد العنقودي يتحدثان عن جماليات قرية عينت بهذا البهاء في محافظة مسقط، عدت برهة إلى المدينة الحجرية "الستون تاون" في زنجبار، فما أشبه المكانين في هندسة البناء، عدا أنَّ عينت تبدو مدنيّة أكثر وأقرب إلى القالب الحداثي في هندسة المدن، حدّقت إلى الموج وجدته ضاحكًا يحمل زبدا؛ سرعان ما يختفي عند ملامسة الرمل الناعم؛ بعد رحلة مريرة بين الأمواج المتلاطمة؛ وبينما كنّا نتبادل أطراف الحديث ونحن نمخر عباب عينت قلت في سري: اعتدنا أنَّ نتجول في أرجاء العالم في تِطوافٍ مبرمج وفق خططٍ زمنية محددة ومن الطرائف الجميلة أنَّ يكون العالم حولنا ولا نستشعره والصدف في فلسفة الحياة ليست من الحتميات؛ فقد قادتنا قاطرة الصدف في رحلة قصيرة لا تتجاوز الساعتين ويخفرني في هذه الرحلة الأصدقاء قيس وخالد، عين على كوفيد ١٩ وعين على الكمام، قد يبدو كوفيد رغم ما أثاره من هلع في أقطاب العالم ذا طابع إيجابي في بعض الجوانب وأهمها إعطاءنا في هذه الفسحة المجال لنرى الأمكنة المحيطة بنا بصورة مختلفة عن سابقتها وأجسادنا اعتادت الترحال وشدّ الأحزمة في مطارات العالم وطرقاته؛ دونما شعور بما يحيطُ بنا من جمال كنا نقرأه في كتابات القادمين إلينا من مختلف أرجاء المعمورة، ثمة حوارٌ داخلي حدثتُ به نفسي وأنا أحملق إلى البيوت المتشحة بالبياض، دلفنا عينت بعينٍ وجلى وقد تسامت الأرواح وبقيت قلوبنا معلقة في تلكَ الامتزاجات في شرفات البيوت؛ على نمط البيوت الإسلامية في دواخل الشام وأرض الكنانة مصر العريقة، حيث الهندسة العُمانية القديمة المتشابهة مع هندسة بلاد الرافدين، كُنّا نمعن النظر في الجبل الموارب وإذا بالصبية كانوا أكثر حضورًا في هذا المشهد، أطفالٌ يتلمظون قطرات الحياة، ثمة دبيب أقدام لسحناتٍ أخرى تتماهى في أروقة عينت، ونزيد من وتيرة التجول بالسيارة، نكتب الأغنيات في صفحات عينت البيضاء، كالبيوت المكشوفة أبوابها باتجاه الأخرى.
وعندما هممنا بصعود العقبة التي تفصل عينت عن جيرانها، أشحنا بنظرنا جهة اليمين، فإذا بالقوارب السياحية تتحسس البحر، تلاطف السماء المبجلة التي تطل قبالة الجبل، رأينا فيما رأينا عينت وكـأنها مِصيّف للحالمين، هكذا كانت في ثمانينات القرن المنصرم وما قبل، كان خالد العنقودي وكعادته يتلو على مسامعنا الاقتراحات التي تخمرت في علقه، بدأ يقلّب عواصم العالم وشواهده وهو الذي قادته قاطرة الترحال إلى ما يربو إلى سبعين دولة من مختلف الأمصار والدول؛ متتبعًا هذه المدن وقصص ساكنيها؛ لينقلها لنا في إصدارات تُعنى بأدب الرحلات، كان يحفر أمانيه على عينت في وداعتها وعينه على قوارب الصيادين المشابهة في تكوينها لقوارب الجندول في فينيس البندقية، أهفو معه وقيس يتمتم وفي حديثه ألف حكاية وحكاية في مقاربة بديعة بين ضفة عروس البحر الأبيض المتوسط الإسكندرية وشرم الشيخ اللاتي زرناهما معًا العام المنصرم وكان من حسن الطالع أنَّ أكون أحد مرافقيه، وبين عينت كما يراها بعينه وقد يراها الآخرون بزاوية عينت التي تطوقها الجبال؛ فتسكن مكانها في النسيان، عينت التي تربض بعيدًا عن دبيب أقدام السائحين؛ إلا ما ندر وأعين المصورين الباحثين عن الشهرة، الزاحفين خلف زر الإعجاب وألسنة الإطراءات.
توارينا خلف مشهد عقبة عينت واندفعنا إلى الأمام فإذا بدارسيت الساحل تطل علينا، ركّنا السيارة برهة من الوقت لنعيد شريط عينت مجددًا وقت تخمرت في ذواتنا حكايات وحكايات، تحدثنا عن الصور الضوئية والمرئية، فمن أين نبدأ وكيف نروِ حكاية المشهد قبل ساعتين خلت، كان المشهد أمامنا هُلامي، البيوت مكتظة والشرفات ذات التصميم المعماري الحديث غلب عليها طابع البناء الهندسي القديم- التقارب بين البيوت أشبه بجلسات الجماعات في المجالس العامة وتحت جدران البيوت، ونحن نغوص في سيميائية المشهد البانورامي في عينت؛ دانت لنا حكايات الأجداد الذين سكنوا تخوم عينت وتفتقت قريحة خالد العنقودي الملأى بقصص مرت عليها عقود من الأزمنة، حينما نمت أنامله ونقش صبابته المليئة بالأحداث في دراسيت الطويان وهي المتاخمة لـ عينت، وقتئذ ضغطُّ على زر الطيران في هاتفي المحمول؛ حتى لا أفوت فرصة الخروج من عينت وفي داخلي ألف حكاية؛ كان العنقودي يشدو بأحاديث الذكريات وأنا وقيس نصيخ السمع، ترجلنا من السيارة ووقفنا منتصبو القامة؛ نتأمل الطريق المؤدي إلى نهاية المشهد لهذا اليوم ولكن لم نطوي صفحة عينت بعد.
نتبادل نظرات سريعة دون أنَّ ينبس أحدنا ببنت شفة، لم نكن نعلم كل ما يحيطُ بهذه القرية الوادعة من تاريخ وبينما كنتُ أعزل نفسي في ساحة خارجية في شاطئ القرم تحفني أشجار جوز الهند وظلال أشجار البيذام وأترنم بسماع أصوات الطيور التي تأنس البحر، كان صوت الغربان على الرغم مما يُقال عنها من أساطير وأقاويل أظهرت الجانب المظلم في ما يكتنف بعض المراحل الزمنية في حيواتنا، تتبعت أحداث تاريخية للعاصمة مسقط، ثمة تاريخ موغل في القدم سكن زوايا مسقط في حقب زمنية متفاوتة، وكان سؤالي لحظتها كيف لي أنَّ أجدُ ضالتي ولو بمعلومة خاطفة تخص عينت، تركتُ سؤال عابر بلمسة حنان يلف أرجاء جوجل لعلّني أجد ما يشفي غليلي ويعطيني بصيص أمل عن ما يكتنف هذه الزاوية المنسية من زوايا مطرح، اختزلت ومضة الزيارة الخاطفة بين أروقة قُرية مسقطية وضعت على طاولت النسيان، كُتب التاريخ وحدها التي تنصفك في زحمة التساؤلات عن الماضي وقراءاتك وما تُسقطه من تحليل يرفرف كحمامة في فضاء الأمكنة، وكانت الإجابة "فقد اشترى الحاج "محمد فاضل" مزارع النخيل في قرية "عينت" بدارسيت الواقعة بين مطرح وخليج الشطيفي؛ لتكون مزرعة استجمام لعائلة "تاول"وذلك في شهر الصيف من كل عام، أتى هذا الشاب "محمد فاضل" المولود في "بمبي" عام ١٨٥٨ ميلادي إلى مسقط في حدود ١٨٧٩ ميلادي ويحمل بداخله أرتالًا من الأماني والطموحات ومن هذه الخصال حينما تتبعت شخصيته، الرؤية الواضحة والشغف ودراسة السوق المسقطي واحتياجات الناس في تلك الحقبة الزمنية، ولأن شركة "تاول" من أهم الشركات المتخصصة في تصدير المنتجات الزراعية؛ كالتمور العُمانية إلى الهند والولايات المتحدة الأمريكية ويعتبر الحاج محمد فاضل واحدًا من الذين أداروا بوصلة شركة "تاول"؛ لتكون واحدة من كبريات الشركات وكان مميزًا في بناء العلاقات واستغل في ذلك الوظائف التي شغلها لتكون المعين على ممارسة أعماله التجارية بسهولة ويسر، قبل أنَّ يسلم الحاج محمد فاضل روحه إلى بارئها ويهال على جسده التراب في عام ١٩٢٦ ميلادي بعد رحلة مليئة بالشغف والإصرار تسطر بماء الذهب. جدير ذكره أنَّ من أحفاده الحاج علي سلطان، وهكذا ذهب من ذهب وأفل من أفل وبقت "عينت" الدانة البهية التي تنتظر من ينتشل شريطها الساحلي بكل ما يحوي بين ثناياه من تاريخ عريق وجمال ويضع بصمته على كل شرفة بعين المحب الغيور؛ لـ تعود تلك السوسنة بحلتها الجديدة؛ كانت فيما مضى حسناء يعشقها البحارة والنواخذة، يصحون على بحة نوارسها ورفرفة أشرعة سفائنها.
ترَ هل ستسدل الحكومة تعليماتها لمشاريعها المقترحة عاجلًا، كما تحدّث عنها العنقودي والعزيز في "دارسيت الساحل" عبدالملك الحسني وهما يرسمان بورتريه عد رافدا اقتصاديا وسياحيا من خلال أسفارهما في أرجاء المعمورة؟
أسئلة حائرة أشاطرهم الرأي فيها لعلها تجد من بمسد عليها بعين الغيور!
السبت 8 أغسطس 2020م
أنا وقيس نستشرف المستقبل لقرية عينت
.......................................
...................................................
مقتطفات صور إضافية لقرية عينت
تعليقات
إرسال تعليق
مؤكد تعليقاتكم محل اهتمام