هل بطاقة هيا أفشلت مونديال قطر!؟

بقلم: يحيى بن سالم المعشري
سلطنة عُمان
twitter @ysk243

هنا بعثرة قلم ورسم خرائطي لملامح زيارتي المزعومة لدولة "قطر"من أجل حضور فعاليات كأس العالم الذي يزورنا جغرافيًا وتبدو ملامحه بعيدًا إلى المدى البعيد والتي باءت بالفشل بسبب تطبيق "هيا" أنا واحد من آلاف وربما ملايين البشر الذين أبحروا في محاولة الحصول على قشة تنجيهم من شتات هذا التطبيق، مع اعترافي بنجاح دولة قطر العزيزة تنظيميًا وإعلاميًا في إحضار العالم إلى مملكتها في هذا العرس الكروي العالمي؛ بحسب ما يُعرض علينا خلف الشاشات ومن المدونات المرئية والمكتوبة. في هذه التعريشة أستعرض بعض وليس كل عن تجربتي وتجارب من يشاطرونني في أقطار الأرض ذات التجربة ممن لم يحظو بدعوة خاصة لحضور المونديال!
 
كأس العالم حدث عالمي رياضي على اعتبار أن كرة القدم هي الروزنامة المحرك لدوران الأرض في عالم الرياضة؛ تُقلب الأبصار وتحرك المشاعر وتنزف الجيوب وهو حدث سياحي واجتماعي وثقافي وأدبي ذا طابع خاص ملأ العالم وشغل الناس في كلِ أصقاع المعمورة؛ كنا نتسمرُ أمام الشاشات إلى الساعات الأولى من الفجر لمتابعة نجوم المستديرة في هذا الحدث الأشهر والأعرق في هذه الأرض وعندما تكون المباريات في أوقات الظهيرة نتسللُ أحيانًا خلسة خارج أروقة العمل من أجل حضور هذا المشهد العظيم؛ تروق لنا رؤية نجوم الساحرة المستديرة الذين أبهرونا بفنهم في الدوريات العالمية؛ هكذا هو كأس العالم وهو في القارات البعيدة عنا وخارج الجغرافيا التي نعيشها ونعشقها لكننا مفتونون كغيرنا كما فُتن به حكام الدول وقاداتها وساساتها وهذا أمر حتمي وليس مشهد هُلامي أو طيفٌ عابر يمر أمامنا ونحن في حالة سبات؛ فكأس العالم حديث الناس في المجالس ومنصات التواصل الاجتماعي وفي مقار الأعمال وفي أي مجمع يجتمع فيه الناس لا تخلو جلسة دون ذكر طيب الذكر كأس العالم وحينما اقترب المشهد العالمي منّا في المنطقة وفي الجغرافيا التي نعيشها ونعشقها وفي منطقتنا التي ياما تغنينا بها "خليجنا واحد وشعبنا واحد" وهي أنشودة وطنية كويتية للشاعر الكويتي عبد اللطيف البناي ولحنها الموسيقار الكويتي مرزوق المرزوق حفظناها نشيدًا وطنيًا خليجيًا يُفرحنا ويلملم جراحنا ويقوي هيبتنا الخليجية ويعزز شكيمتنا؛ نعم ها هو المشهد الرياضي العالمي يقترب منا وها هي دولة قطر الشقيقة تفوز بأعظم حدث عالمي أفرحنا وأفرح الصغير والكبير في القطر الخليجي كما أفرح العرب وعُدَّ نصرًا عظيما مظفرًا ومع الوقت ومع مضي الأيام والليالي والأشهر والسنوات انقضت السنوات التحضيرية لهذا الحدث وبدأت صافرة الحكم في المستطيل الأخضر ورفعنا أيادينا في السماء فرحًا لقطر ووضعنا أيادينا على قلوبنا وفي دواخلنا الكثير من الغبطة والسعادة لدولة جارة أحببناها وأحببنا شعبها وحينما لاح طيف كأس العالم وقبل أن يُسدل الستار وتختتم آخر فعالية بظفر إحدى الدول المشاركة بالكأس؛ قررنا أن نكون ضمن الحدث العالمي؛ نعيش الحلم القريب ونتشارك مع الأشقاء الفرحة وبدأت لحظات الحجوزات فور طرح الناقل الوطني "الطيران العُماني" التذاكر المخفضة للمواطنين العُمانيين الراغبين في زيارة قطر لحضور الكأس الأعظم وكانت التذاكر المعروضة مغرية حينها وحمدت الله أنني ضمن الذين حازوا على تذكرة تجيز لي دخول دولة قطر في هذا الحدث المهم وبسعر مناسب ومغرٍ؛ على اعتبار أننا من أغلى دول العالم في أسعار التذاكر؛ حيث دفعت ومن يخفرني من الزملاء مبلغ (64) ريالًا عُمانيًا لكلِ تذكرة وهي بلغة الأرقام الخيالية والفلكية بلا مبالغة  لتذاكر الطيران التي تعودنا عليها بعد العرض والطلب أحسن وأفضل الخيارات المتاحة؛ نعم تم حجز التذاكر ودُفِعت وحُصلت المبالغ وتنازلنا عن حضور أي مباراة من المباريات من أرض الميدان واكتفينا بحضور الفعاليات وعيش الأجواء المونديالية والاستمتاع بالأنشطة ورؤية أجناس العالم التي اختارت قطر هذه الدولة الصغيرة لتكون مقرًا لها خلال مؤازرة فريقها أو من تشجع أو كحالاتنا ممن يستهويه تسجيل الحضور وهذا ديدن المتواضعون الذين لا تهمهم أضواء الملاعب ولا هيام وعشق رؤية أبطال الساحرة المستديرة في الملاعب أو أخذ السيلفي معهم في الممرات، نعم كان هذا خيارنا وكنا قنوعين بما اخترنا وبعد شراء التذاكر حان موعد دخول تطبيق "هيا" وهو تطبيق تبنته دولة قطر ليسهل على الناس عملية الدخول أي أنه يحل محل "الفيزا" والأخيرة نعرفها تمامًا؛ لأننا تعودنا على السفر ولنا معها تجارب وصولات وجولات، أما تطبيق "هيا" بحسب ما كُتب في التعريف المباشر أنه يتيح لكَ عزيزي القارئ الدخول إلى ملاعب المونديال في أيام المباريات والتنقل بين الأرجاء كيفما تشاء وترغب ويمكنك من خلاله خلال فترة كأس العالم دخول دولة قطر أي لا يمكن دخول قطر في هذه الفترة دون الحصول على بطاقة "هيا" من التطبيق؛ بدأتُ وزميلي عملية استكمال بقية الإجراءات لدخول قطر وقمتُ شخصيًا بتتبع شروحات الإجراءات؛ انتفضت أتحسس التذكرة في جيبي أُخرجها بين الفينة والأخرى لأرى فيها تقارب المسافات بين مسقط والدوحة؛ ضل أمامنا وقت مناسب لإنهاء إجراءات الدخول، نعم؛ خمسة أيام كافية لأن التطبيق يتبع دولة متوثبة وبقوة مثل قطر وهذا يعطيني الأمل أن وتيرة الإجراءات تسيرُ وفق صيرورة مرنة وسهلة وأننا على شفا الدخول إلى مطار حمد الدولي؛ دخلنا التطبيق وقمنا بإدخال المُدخلات المطلوبة وقمنا بإرفاق المستندات الرسمية (وثيقة الجواز والصورة الشخصية)، تسلل الفرح إلى شفاهنا واستقبلنا صباحنا بنفسٍ مضيئة ومشرقة، إلى هنا وكانت الأمور تسير بانتظام إلى أن توقف طلب الزيارة عند الحصول على إذن الدخول والموافقة من الدولة المضيفة "قطر" قلت في سري هذه إجراءات خاصة بالدول وجب احترامها وفي ذات الوقت كنتُ أتساءل، هذا الكم الكبير من زوار كأس العالم إلى هذه البقعة الجغرافية الصغيرة يتعامل معهم التطبيق بذات الأسلوب وقد تكون إجراءات أمنية يقرأ النظام الراغب في زيارة قطر بطريقة احترافية كيف لا وقد ضخت قطر في هذا المونديال مليارات الريالات وهي أرقام فلكية أصبحت حديث العالم ولهم أسبابهم وتطلعاتهم ورؤاهم وهذا شأنٌ يخصهم وما علينا إلا الدعاء ومباركة هذا المنجز الذي تلعبه قطر على كافة الأطر والأصعدة وبينما نسيرُ في الخطوات الأخيرة لتطبيق "هيا" قفلنا عائدين نلتقي في أحد المقاهي لإنهاء بقية الخطوات والتي يُقال أنها سهلة ومرنة وكان علينا انتظار السماح لنا باستكمال الإجراءات من الدعم الفني الخاص بقطر وبعد مرور الوقت جاءنا الرد عليكم استكمال عملية الدفع لأننها باختصار من الذين يدخلون قطر في بداية شهر ديسمبر وفيها استجدت الإجراءات وأهمها دفع مبلغ (500) ريال قطري أي ما يُعادل (55) ريالًا عمانيًا وهنا كان علينا الدخول في معترك آخر لهذا التطبيق العجائبي وبدأت الأمور تتعقد وتصعب علينا فمحاولة الدفع باءت بالفشل لأكثر من محاولة ومع معرفة السبب باتباع الخطوات والاتصال على رقم الدعم الفني الموضح في التطبيق كان الرد آلي ولا يخضع لسلطة الإنسان الذي يراعي أخيه الإنسان في تبادل الحوار في التعامل وهنا بدأت رحلة التعنت في الإجراءات والصعوبة في الحصول على الموافقة، كانت أنفاسها تجري في عروقي فقطر القريبة مني باتت تبتعد؛ إنه مشهدٌ هلامي حقًا ذلك الذي يلوح في الأفق فبيني وبين موعد السفر مساء لم يعلن الليل سدوله وصباح مشرق كان عليّ أن أتهجد فيه بالدعاء والاذكار؛ كنتُ كمن يسبح في بحرٍ بعيد المدى وكنت أتشبث بأي قشة تستطيع أن تبعثر أوراقي من الشتات، إنها قطر القريبة بدأت وتحزم أشياءها إلى الفضاء البعيد وفي خضم تضاؤل الوقت استنجدنا بأحد المقيمين في دولة قطر وهو شابٌ لطيف يدعى "مصعب" وهذا الشاب أقف أمامه احترامًا أخويًا على كل ما قام به من أجل معرفة أسباب عدم انتهاء معاملتي وزميلي ولكنه لم يصل إلى حل حتى من غرفة الدعم الفني في قطر كنا نتواصل معه وقد قضى نهاره جله هناك لكن الرد القادم من العاملين في قطر أنهم لم يتوصلوا لأصل المشكلة، شكرًا لكَ أخي مصعب قمت بكل ما يمكن القيام به، على الفور قمت بزيارة صفحة كأس العالم وصفحة الإعلامي خالد جاسم وتتبع الاستفسارات ووجدت أن غالبيتها تصب في تطبيق "هيا" وأنهم دفعوا مبالغ تذاكر السفر وحضور المباريات وهي مبالغ ليست بسيطة ولا زهيدة؛ تبقت إجراءات السكن أي الإقامة وهنا رحلة أخرى شاقة ومرهقة مع التطبيق؛ لربما لم تستوعب قطر وهي الدولة المنجزة والمتحفزة هذا الكم الهائل من طلبات الزيارات ولا يوجد سكن شاغر لكل هذه الجماهير وهنا إشكالية كان من الأولى إسداء التعليمات لمكاتب السفر والسياحة والطيرانات عدم إصدار أي تذكرة قبل التأكد من الحصول على بطاقة "هيا" أو فتح منصة خاصة في المطارات؛ مهمتها إنهاء إجراءات بطاقة "هيا" وتحصيل مبلغ الدخول هناك؛ تسهيلًا على الناس وتوفيرًا للجهد والعناء النفسي والإرهاق الجسدي وهنا كانت السقطة الكبيرة التي تتحمل قطر وجودها مع الدول الأخرى؛ نهضتُ فزعًا حاولت الارتماء في كراسي الطائرات هربًا من هذه العثرات فوقع بصري على مقولة سيكولوجية الجماهير "نحن في عصر تضخم المعارف والمهارات؛ حيثُ تتضاءل قيمة ما يتعلمه المرء باستمرار" كيف نضيع في عالم التطبيقات وقد كنا نسافر في أصقاع الأرض وننهي إجراءات السفر عبر منصات البوردينج دونما تعثر وإشكال ويغرقنا هذا التطبيق الفاشل كما أغرق الكثيرين وبقينا في عالم سرمدي نتساءل فيه قائلين؛ تُرَ من يتحمل ضياع أوقاتنا والتبعات النفسية والجسدية؛ تُرَ من يتحمل ضياع أموالنا وكيف تعود إلى جيوبنا وما هو حجم الخسائر الذي يطوق عالمنا ونحن لا حيلة لنا ولا قوة في ذلك!


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكايات من عينت والشطيفي؛ جولة في تخوم مطرح

من باحة سيدي أبو العباس المرسي إلى بيت ريا وسكينة

بين الشخوص والأمكنة، تجوال في أحياء بلدة بوشر