قرية الغمب بنيابة طيوي الجنان المعلقة
هذا المسار الجبلي كان بتاريخ 8/9- 10- 2013
بقلم: يحيى المعشري
أنستجرام
yahyaalmashari
في الثامن والتاسع من تشرين الأول أكتوبر من العام 2013 حينما قررنا تجربة خوض غمار هذا المسار الجبلي من وادي الشاب إلى قرية الغمب الوادعة بين أحضان الطبيعة الجبلية؛ سالكين الطريق القديم والمعروف باسم "طريق الحمير" كنتُ ومن معي لا ندرك خشونة المسار وقساوة المنحدرات ولا التعرجات الخشنة التي تعترضنا أثناء تجوالنا؛ لكننا تماهينا مع الطبيعة مذ أول صعود حاد؛ راسمين في خيالاتنا الوصول فقط؛ الوصول بأي طريقة كانت شادين العزم مع اليقين أنَّ مثل هذه المسارات بها الكثير من الأحداث والمفاجآت سأروي عليكم بعضًا منها وهي التي عايشتها أثناء مسيري كما أنَّ بعضها هي تجاذبات وحوارات بين بقية المشاركين ولبعدي عنهم لا يمكنني وصفها على حقيقتها عدا أنها تتشارك مع ما أراه غالبًا وما أسمعه منهم.
جبال وانحدارات وجروف عاتية وأودية عميقة وسفوح ساحقة تتهادى منها تكوينات طبيعية تجلّت معها قدرت الخالق العظيم هذه كانت البورتريه الذي شكلته الطبيعة ما تحويه من مكنونات وهي الترنيمة التي تتراءى لنا عندما نحدق في الأفق البعيد ونناظر السماء بزرقتها يخترقها بياض الشمس.
غادرتُ ولاية بوشر قبيل شروق الشمس؛ واضعًا نصب عيني أنَّ ألحق بركب المغامرين في مخيمهم في وادي الشاب؛ كان تواصلي الدائم مع أحد الزملاء وهو إسحاق الحنظلي للاستدلال عن موقع التخييم للمشاركين ممن فضلوا التخييم الذين آثروا الانزواء قبالة الجسر المؤدي إلى وادي الشاب معقل بداية المسار، على الفورِ وقبل أن يقوم الأعضاء بطي خيامهم بعدما استكملوا كافة التجهيزات اللوجستية واللوازم الأمنية كالإسعافات الأولية والمشروبات التي تساعدهم على مجابهة صعوبة ومشقة عناء الصعود والنزول من(وادي الشاب إلى قرية الغمب) مقصد أعضاء الفريق الذين بلغ عددهم زهاء الـ(32) مشاركًا من مختلف الأجناس والجنسيات يمنون النفسَ مواصلة ما رسموه لهذا المسلك الجبلي برفقة أحد مواطني نيابة طيوي وهو المواطن هاشل المقيمي؛ هاشل هذا تبدو على أمارات الحياة الصعبة، رفيع الجسم مع السمرة التي نراها في أهل البادية والجبال، يرتدي الدشداشة العُمانية ويعتمر المصر؛ قد يبدو غريب عند البعض كيف لهاشل وهو يصعد الجبال يبدو بهيئته الرسمية، هاشل المقيمي الذي صال وجال بنا طوال المسير، غير مكترث بما تحمله تلكم الدروب من هوّاة عميقة وجروف سحيقة والابتسامة لا تكاد تفارق محياه، كيف لا وهو يحمل بين حناياه عاطفة ابن البادية الذي آثر المكوث في القرية بعيدًا عن المدنية المندفعة، نائيًا عن الصروح العظيمة والبنايات العاتية مستلهمًا قواه وصلادة جسده من الطبيعة وكنف العيش الضنك.
يهامسني المواطن/ هاشل المقيمي أحد سكان نيابة طيوي وهو المتعهد بإرشادنا في هذا المسار قائلًا: لم يكن جدي ليحكي لي عن إحداثيات الموقع لسببٍ بسيط أن الخرائطَ الطبوغرافية لا تعني لهم شيء في زمنٍ لم يعترف بالمعادلات المعقدة؛ ما اعتمد عليه هاشل هو ذاكرته وربما قراءة حركة السحب التي انقشعت وتلاشت لحظة وصول المغامرين وهذا من قبيل سوء حظنا؛ عندما يمم مؤسس قائد هذا المسار عبدالله بن خميس المقيمي منبهًا المغامرين عن بعض تفاصيل المغامرة الجبلية وأهم الصعوبات والتحديات التي تواجه كل مغامر مع ضرورة حزم الأمتعة وتوفير سبل الأمان من مستلزمات طبية وغيرها من الاحتياجات المهمة قبل أن نشمر عن سواعدنا للبدءِ بالرحلة التي قطعنا فيها زهاء الـ (17) كم بارتفاع بلغ 1300م من بواكير الصباح إلى المساء.
بعد أن تلقينا الإذن لمواصلة المسير من القائد" عبدالله المقيمي" خُيل لي بأن اللحظة هذه عامرة بالمطبات، حافلة بالمصاعب في لحظة مجابهة قمة جبل عاتية وبعيدة المدى وأنـــا أنظرُ إلى القمة لاح لي بأن بعض المغامرين غير قادرون على مواصلة المسار لأسباب عديدة أهمها أنَّ بعضهم حديثي العهد على هذه الرياضة؛ بيدّ أن التشجيع الدائم وشحذ الهمم من قبل أصحاب الخبرة لها وقع عظيم ودافع لهم للسير قدمًا حتى بلوغ المبتغى والمنال.
الصعود الخارق"
لسوء الحظ وحسن الطالع في آنٍ واحد بدأنا المسار بالصعود التدريجي على ارتفاع غير واضح المعالم وقتها أخذ محدد المسار هاشل المقيمي بمطالعة ساعته مستعجلًا المغامرين للإسراع حتى لا يداهمنا الليل المدلهم؛ فأمامنا وقتٌ طويل ونحن الآن في الخط الأول من المسار ولأن هاشل على علم بنقطة النهاية وهي قرية الغمب؛ كان مدركًا أنَّ التأخير لا يصب في مصلحة المغامرين؛ بل على العكس يزيد من الوضع خطورة؛ لأن الظلمة عندما تعبث بالنهارات ستكون موحشة في المسارات الجبيلة خاصة وأن مسارنا هذا يعتمد على الطرق القديمة وهي طرق الحيوانات أما هاشل فستزيد صعوبة مهمته عند أي تأخير.
تابعنا المسير بهذا العدد الكبير ومن بعد أن أُوكل إلي مهمة تفقد المغامرين في المقدمة تساءلت بيني وبين نفسي هل هم قادرين على مواصلة السير باعتلاء الجبل الذي تفرد بشموخه، هل باستطاعتهم محاكاة هاشل المقيمي؛ سنعرف كل تفاصيل الحكاية ونحن نتابع القراءة، سنعرف من خلال تتبع الأحداث وتفاصيل الطريق بتعرجاته وصعوبته وطوله هل سنصل في الوقت المزمع في خطة هاشل المقيمي وهل الجميع على أتم الجاهزية من خلال اللياقة البدنية وقوة التحمل التي تواجه المغامر في مثل هذه المسارات؟ أسئلة حائرة لكنها تسترعي الاهتمام وتسترعي الوقوف عليها.
الغول"
كعادتها المغامرات لا تخلو من بعض الإرهاصات وهي ملح المغامرة، محدثكم وإيفا (الإندونيسية) نحاكي بعض خطوة خطوة إلى أن شاهدنا بعض الأحراش بين الأحجار المتفرقة ومن هذه الأحراش خرج غول مسرعًا لإيجاد مخبأ يلتجئ إليه، أحست إيفا به ولاذت بالفرار خوفًا مما قد يحصل؛ عشت لحظات الخوف الذي عاشته "إيفا"؛ حاولت جاهدًا نبش الأحراش علّ الغول يخرج مخبأه لأنقض عليه حتى لا يسبب الفزع بين بقية المغامرين المتأخرين والذين هم برفقة المغامر خالد العنقودي الذي أوكلت له مهمة الوسط وأدواره حث بقية المغامرين على الإسراع وعدم إضاعة الوقت وعبدالله المقيمي الباك ليدر في الخلف مهمته مراعاة المغامرين الذين يجدون صعوبة في محاكاة ومجاراة بقية المغامرين كما أنَّ بعض المغامرين في الخلف يفضلون الاستمتاع بالطبيعة والتقاط الصور التذكارية بأريحية ما يعني أن القائد عبدالله المقيمي عليه أنَّ يلازمهم ويحاكي تحركاتهم ويراعي خطواتهم وهذه المهمة عادةً من أصعب المهام في المغامرات؛ فهي بحاجة إلى صبر وطولة بال وقد يصل الأمر العودة حال لم يتمكن أحدهم من المضي قدمًا في استكمال المسير إلى الغمب وفي خضم هذه التصورات لاذ الغول بالفرار من مخدعه. على الفور أخذت البرقية التي كانت بحوزتي لتنبيه البقية.
بعد برهة من الزمن قررنا أخذ قسطًا من الراحة والاحتماء تحت ظل شجرة السمر بعدما أرهقتنا حرارة الشمس الحارقة لنأكل بعض الفواكه ونشرب المياه أو نتقاسم حبات التمر بين الأعضاء لأهميتها في إعطاء الجسد مزيدًا من الطاقة والقدرة على التحمل نظرًا للسعرات الحرارية التي يتمتع بها
ميري هل تواصل إلى النهاية
في منتصف طريق اليوم الأول من وادي الشاب إلى قرية الغمب بنيابة طيوي، ونحنُ نسير خلف هاشل، أرى الوجوم على محيا "سلطان" الشاب العشريني، بدا وجهه شاحبًا وقد أغرورق جسمه عرقًا، واصلنا المسير بعد مضي سبع ساعات من بداية الانطلاق، هاشل كعادته بروحه المرحة وسماحة طبيعته الريفية لا يتكلف في الحديث ولا يبحث عن التغنج في انتقاء العبارات المنمقة، أخذ يسال :سلطان" عن انطباعه وهو يشاركنا هذا المسار الشاق لأول مرة، لم يأخذ سلطان وقتًا طويلًا لكي يرد عليه، تنهد قليلًا وأخذ نفسًا عميقًا وبأسلوب أهل العاصمة.. طال عمرك الوضع تحت السيطرة، كان جادًا في عباراته المشحونة بنبرة الحنق، ثم قام يشكو لأحدهم عن مشقة الطريق، قوة الجبال، الانزلاقات، الارتفاعات والانحدارات، كلها كفيلة بأن تثبط همة "سلطان" وهو الذي لم يكن رياضيًا ألبتة، لم يمارس رياضة كرة القدم مع الصبية قط، لم يكن شقيًا في صباه في الحارة، كان منعزلًا وصامتًا في أغلب فترات المغامرة الجبلية...
وهناك نجدُ "هاشل" يتنططُ بين سفوح الجبال سائلًا ومطمئنًا عن حال بقية المغامرين، وعندما اختلى "سلطان" بنفسه وهو يواصل السير، راوده هاجس آخر، ساوره الظن بأنه سيواجه مشهدًا مرعبًا قبل عتمة الليل، أفكاره تسوقه بعيدًا عن عالم الطبيعة إلى الفرش الوثيرة إلى مخدة النوم, وبدأ انبلاج القمر، وحل ضيف الغروب، كان قد أخذ الإجهاد من "سلطان" فبدا عليه التعب ونفدت ما تبقت له من طاقة، وبدأ يشكو التشنجات العضلية وتصلب قدماه كالصخرة الصماء في جرف الوادي، فتراءت له مشاهد مخيفة كتلكَ التي نشاهدها في أفلام الرعب وعلى الجانب الآخر "ميري" الستينية تُجاهد نفسها بخطى ثابتة، لم تكن في مقدمة المغامرين، لم تكن تستعجل الوصول بقدر استمتاعها بالمناظر الخلابة، لم تشعر بالتعب، لم تشتكي وتتفوه ببنت شفه، لم تعبأ بالقادم من صعوبات، لم تنظر للخلف وتصارع خيالاتها بين التردد والترقب
لا تهزُ قدمها، لا تلتفت يمنة ويسرة، لا تومئ، كلُ شيء فيها يوحي بقوة التفكير، كلُ شيء فيها يوحي بجلد الحضور وصلادة الجسم، رغم تقدمها في العمر إلا أنها كانت دائماً بين المقدمة ووسط المغامرين، ترفض الخنوع في المؤخرة، كأني بها تهمس بأن حضور البدن وقوة التركيز ليس له عُلاقة بالعمرِ، الكل يراقب تحركاتها، الكل ينظرُ لها على أنها غير قادرة على تكملة المشوار إلى قرية الغمب "ميري" بكل شموخ وزهو حاملة حقيبتها الصغيرة قالتها بكل ثقة I will do it
شكراً "ميري" لأنكِ ترجمتي مفهوم الرياضة للجميع
الضائعون
في مسيرنا إلى قرية "الغمب" استعنا بـ(هاشل) دليلنا أثناء المشي الجبلي، فكان لزامًا أن يتنقل بين المغامرون من أجلِ إخبارهم بالطريق حتى لا يضّلوا.. عندها كنا في المقدمة وحصل أن سرنا في طريقٍ طويل بين التلال والهضاب تقابلنا الجبال العاتية والصخور الصماء؛ حينها تيقنا بأننا سرنا في طريقٍ مغاير فجأة أتاني صوت البرقية من خالد العنقودي يُخبرني بأن المسار ليس الذي سرنا فيه وعلينا أن نرجع أو أن نواصل بمسافة أطول!
عضضت على شفتاي بقوة وهنهنت بيني وبين نفسي، هل يتمكن الباقون من المواصلة بعد أنَّ أضعنا هذه المسافة الطويلة ونحن نسير في غير الطريق الصحيح أم يسبرون همتهم مواصلين المسير قدمًا ونعود للخف لنبدأ مشوار تصحيح رحلة الضياع تلك!
غمغم(طه العنقودي) وهو أحد المشاركين قائلًا: بدأتُ أشعرُ بالدوار؛ كان هذا الدوار أشبه بالغثيان ناجم عن تفاعل الارتفاع والتعرض لأشعة الشمس وطول المسير، رمى طه العنقودي نصف قطعة من الشوكولاه في فمه ومع ذلك كان يشعرُ بتعبٍ متزايد حين المشي في الدرب الجبلي، ولم أستطع أن أسمع صوت الريح في إذني قال طه: بل شعرت بالخفقان، وبمجرد أن تلاقينا مع من كان في المؤخرة قال: أُصبت بإحباط بعدما كنا في المقدمة وقطعنا تلك المسافة الطويلة وخلفنا الرفاق في الخلف؛ هل يُعقل أن تلازموننا المسار مرة أخرى! لقد كنا نتقدم من في الوسط بنصف ساعة حسب التقدير الزمني والآن هم معنا كان هذا الشعور الغريب يلازم طه العنقودي كما لازم بقية من كانوا معي في المقدمة!
قبيل الوصول وحلول الظلام"
بعد الأحاديث مع الزُملاء عما واجهوه أثناء المسار، بعدما التم الشمل مجددًا وبعد رحلة طريق الضياع؛ أخذنا نتبادل أطراف الحوار، الهدف واحد، نتقاسم الطعام والشراب كأسرة واحدة أراد لها القدر أو خطط لها أن تلتقي في قمة جبل. ومن تلك القمة وما أكثر القمم الجبلية التي واجهتنا في مسيرنا؛ كنت أنظر إلى زرقة بحر العرب؛ كانت زرقة متماهية مع ضوء الشمس؛ بدا البحر وكأنه قطعة كريستال يتلألأ، ثمة قارب خشبي شراعي يبحر لا نسمع صرير صواريه كما نسمع حركة الرياح على الأشجار في هذه القمة ومن هذا العلو في هذه القمة أخذ الموج جلبة تلاشت في الأفق البعيد أخذتُ أنظر إليه ببرود تام فهذا المشهد لن يتكرر بعد أن نعدو بضع خطوات للأمام وهو فرصة للتأمل في الكون وفرصة مواتية للتفكر في أسرار البحر وأهواله.
على الفورِ قررنا مواصلة الطريق بعدما أخبرنا(هاشل) عن قرب قرية(الغمب) وكعادته أي هاشل كان يعطينا الأمل بالوصول بقولته المعهودة(نصف ساعة) ونصل! وكانت كلمة السر التي يلفظها هاشل بين الرفاق وهي الشيفرة التي لم نستطع فكها ونحن في غمرة المغامرة.
الوصول ومكان المبيت"
حلّ الظلام واشتعلت أجهزت المغامرين لتنير الطريق، أيقن هاشل أن الليل يداهمنا لا محالة وأن مهمته ازدادت صعوبة؛ كان عليه أنَّ يراقب الجميع وكان عليه أنَّ يكون على تواصل مع قادة المسار بصورة مستمرة وهنا تكمن الصعوبة في مثل هذه المسارات وبعد المتابعة والصياح العالي والمداراة التي يتلقاها الجميع وصلنا لقرية(الغمب) وقد كان الوصول بالتتابع؛ ثمة مغامرون آثروا الوصول وعدد منهم لا زالوا يحاولون اللحاق بقرنائهم، بدت قرية الغمب من الأعلى واضحة؛ أضواء القناديل وإضاءة هواتف المغامرين كشفت قرية الغمب وهي تحتوي على منزلين ومزرعة تقطنها عائلة أو عائلتين والغالبية هجروا القرية إلى أماكن ينعمون فيها بحياة أفضل، يحصلون معها على العلم والمعرفة كما يتزودون بالزاد اليومي وفق متطلبات العصر، على عكس أهالي قرية الغمب الذين نحن في ضيافتهم هذه الليلة لا ينعمون بالكهرباء ولا حتى الخدمات أو حتى سبل الحياة العصرية.
اليوم التالي طريق( العودة)
في صباح اليوم التالي، بعد أن افترش المغامرين خيامهم ومنهم من قضى ليلته في المسجد الصغير فزّ المغامرين من خيامهم التي نصبوها في أماكن متفرقة آذنين لأنفسهم بأن وقت العودة إلى وادي الشاب قد حان؛ طريق النزول إلى القرية طريق يمتاز بالمناظر الجبلية الرائعة والتي يفضل تصويرها في أوقات الشتاء؛ لأسباب منها صفاء الجو وقلة الغبار الذي يحد من مجال الرؤية وفي هذه الفترة من السنة الشتوية تنمو على سفح الجبل بعض الأشجار التي زادت قرية الغمب جمالًا أخاذًا، حيثُ النخل الباسقات لها إطلالة جميلة من على قمة الجبل فتشكل بذلك منظرًا فريدًا يدهش كل زائر، علاوة عن انسياب مياه الفلج الرقراقة من على قمة الجبل التي أخذ منها الأهالي مسقى لهم ولأغنامهم، وللفلج هذا هندسة سينمائية مليئة بالغرابة؛ أخذنا نملئ القرب وقناني المياه من مياه الجبل الباردة والمنعشة التي أعطتنا إحساس جميل وشعور رائع, وهنالك ممرات جبلية عديدة تربط هذه القرية بالقرى الجبلية الأخرى وهنالك ممر جبلي يعرفه أهل المنطقة بحيث يمكنك الوصول عن طريقه إلى قرية(حلّوت) وغيرها من القرى النائية؛ سلكنا مسار العودة في حدود الساعة الثامنة صباحًا بعد أن تقلص العدد إلى (21) مغامر، فقد آثر بعض المغامرين العودة عن طريق سيارات الدفع الرباعي المخصصة لنقل بضائع القاطنين وتأمين المؤن لهم.
انقسمنا إلى فريقين"
أخذنا نسبر أغوار الطبيعة الجبلية بما تزدان بها من مناظر خلابة قاصدين وادي الشاب يمم شبيب الهادي وسامي الهادي وزميلهم إلى هاشل نيتهم العودة عن طريق مسلك مغاير وهو طريق الوادي مستمتعين بظلال الأشجار الوارفة، بخلاف ذلك صعدنا نحن إلى قمة الجبل لنكمل المسير إلى نقطة انطلاق اليوم الأول وادي الشاب، بينما عاد بعض المشاركين عن طريق سيارات قاطني قرية الغمب والتي خصصت لنقل البضائع والمؤن؛ فهذه القرية تبعد بمسافة عن مركز المدينة وطريق العودة ترابي قد يأخذ من العائدين بعض الوقت بينما نحن مستمتعين بالعودة مستكملين مسارنا الجبلي وقد انقسمنا إلى فريقين؛ كنا دائمي التواصل عن طريق البرقيات للاطمئنان عن أحوال بعضنا البعض؛ عبثنا بالطريق رغم مشقته قاصدين الوصول في الوقت الذي حدده هاشل أو قبل؛ لأن طريق العودة كما يبدو أسهل عن طريق الذهاب وهذا أعطانا انطباع إيجابي وإحساس جميل؛ علاوة أنَّ من رجعوا معنا يتمتعوا بلياقة بدنية تساعدهم على المضي قدمًا إلى أن وصلنا بحفظ من الله ورعايته واضعين نصب أعيننا أنَّ طريق الجبال لا تخلو من عنصر المغامرة والإثارة كما أنها مليئة بالخيرات المعرفية فهناك تتشارك الحوار مع مختلف الجنسيات ومن مختلف الثقافات وهو زادك المعرفي والثقافي كما هو زادك البدني والروحي.
أقف على شفا هوة وادٍ سحيق في بديعة قرية الغمب
هنا هندسة الأفلاج العمانية وإطلالة على قرية الغمب
الرحال خالد العنقودي رفقة أحد كبار السن في قرية الغمب
الخيام المتناثرة على عتبات جبال الغمب
بعض الإصابات في الطريق مع العلاج
صورة تجمعني بأحد كبار السن بارك الله فيه
الكابتن أنس الرحبي
هذا هو ذا هاشل المقيمي وقد ساعد من يودون العودة على تجهيز أغراضهم
أنا وميري هنا قالت أنها ستكمل المسار للنهاية!
تعليقات
إرسال تعليق
مؤكد تعليقاتكم محل اهتمام