حكايات من حديقة ريام
يحيى المعشري
بدت عينا روجيرو وزوجته باردتين لولا البريق الذي التمع فيهما عند رؤيتهما حديقة ريام بهذه الأناقة والجمال، لمعان وتناسق الورود الحمراء والصفراء على وقع أشعة الشمس الباردة، كل ذلك بعد أن قذفتهم السفينة العملاقة في كورنيش مطرح، أخذا يتجولا في ربوع ولاية مطرح إلى أن رمقتهم في حديقة ريام وهنا كان بيني وبينهم هذا الفصل من الحديث، مط روجيرو شفتيه عندما أخبرتهم بأن الحديقة تعود إلى عهد قريب من بواكير النهضة المباركة عندما كانت بلدية العاصمة بمسماها قبل أن يتم تغييرها إلى بلدية مسقط في عام ١٩٨٥ ميلادي.
وفي خضم الحديث وانشغالي بالتصوير أشحت بنظري إلى أحد المواقع المتفردة في حديقة ريام وقبل أن أدنو من المنارة الصافنة في أعلى الجبل "منارة المجمر" في الحديقة والمطلة على البحر وزاوية من زوايا مسقط التي شكلت التاريخ والحضارة، حدثني الشاب حبيب الأربعيني الذي خاض شيء من تفاصيل الحديقة وخاض تفاصيل أحداث بداية النهضة قائلًا: أتذكر منذ أكثر من خمسة عشر عامًا كان أبي يأتي بنا إلى حديقة ريام العامة في إجازة نهاية الاسبوع لنلعب أنا وإخوتي الصغار، نمرح ونلهو ونتلذذ باللحظات الجميلة، نستمع إلى زقزقة العصافير وهديل الحمام، واليوم أحضرت أبنائي لنفس المكان الذي كنت العب به لأستعيد بعض من ذكريات الطفولة واستغربت أن الحديقة كما هي لم يزد بها أي شيء والأغرب أن نفس الألعاب التي كنا نلعب بها هي نفسها ولكن عفى عليها الزمن وتآكلت من الشمس والاستهلاك، عدا بعض التعديلات الطفيفة التي لا تليق بالحاضر، هتفت قائلًا: صدقت يا حبيب!
واصلت السير وتركت حبيب وذكرياته خلفي وقفلت عائدًا إلى بداية دخولي إلى الحديقة؛ لأقرأ عهد افتتاح الحديقة تحت رعاية معالي السيد سلطان بن حمد السمار في ١٠ نوفبر ١٩٨٥م محافظ العاصمة ١٩٨٥_١٩٩٠، حوقلت وأسرعت الخطوات للحاق بمنارة المجمر مرة أخرى لكنني صوبت باتجاه بوابة كتب على مدخلها "ممنوع الدخول" أضرمت بداخلي نيران الصمت على اللحظات التي أعددتها لأخذ صورة بانورامية على إشراقة الفجر وقلت في سري قبل أن أستسلم ليتها لم تغلق!
تعليقات
إرسال تعليق
مؤكد تعليقاتكم محل اهتمام