وداعًا البلديات؛ هل تركنا نوافذنا مفتوحة للطيور
إنه الثامن والعشرين من أكتوبر وهو اليوم الذي بدأت تتقاطر فيه قرارات النقل الرسمي للزملاء والزميلات من مبنى البلديات في الخويــر إلى الولايات المنتمين إليها في ثغور الوطن العزيز؛ في رحلة تحدٍ جديدة بدأت تلفظ خلالها وزارة "البلديات الإقليمية وموارد المياه" موظفيها؛ حينما ألغى المرسوم السلطاني (101/2020) أساسات الكيان الذي ضمّ بين ثناياه أفئدة ترتبط في سجلات التوظيف باسم سامق ظلّ ردحًا من الزمن بين العمل بصمت والحديث بهمس؛ ميممين إلى مسقط رأسهم بعد المرسوم السلطاني رقم 101/ 2020 بإصدار نظام المحافظات والشؤون البلدية. فاتحين نوافذهم لأشرعة السفائن الراسية في المحافظات.
وطوال فترة إنشاء البلديات في سلطنة عُمان منذ بداية النهضة المباركة التي خط ملامحها الرسام الراحل أعز الرجال وأنقاهم؛ توالت عليها زعامات وزارية لتطوير الإطار المؤسسي لوزارة البلديات؛ فأرخت تعليماتها على القاطرة البشرية التي كانت اللّبنة الأولى المساهمة في البناء وكانت النفحة التي أطرت أساسات العمل البلدي والمائي وكنّا لا نعلم المصير المجهول الذي يقع على شفا المستقبل وكغيري من الزملاء والزميلات لا نعلم أنَّ الأقدار ستسوقنا في قاربٍ واحد إلى مرفأ البلديات ولا نعلم أنَّ المآلات سَتُدخلنا في قائمة سجلات الموارد البشرية في أرشيف ملفات البلديات.
هذه البلديات التائهة
وتلك الأنفس التي تحزم أمتعتها
إلى المباني، هل تبصر المستقبل البعيد والقريب، هل تعلم أنَّ القاطرة البشرية عليها أنَّ تتوقف!
هل تعلم أنَّ الموظف الذي يوقظ ضوء النهار في رحلة المسافات من مسكنه إلى مقر عمله بات سجلٍ زماني تنحسر ملامحه بعد زمن !
وتعاقبت على البلديات أفئدة وُضعت في كراسي رأس الهرم على مدار السنوات المتتابعة في قائمة وزراء البلديات في عصر النهضة المباركة وفق التسلسل الزمني وهم على النحو التالي:
معالي الدكتور عاصم بن علي الجمالي (1976- 1979).
معالي أحمد بن عبد الله الغزالي (1979- 1985).
معالي السيد المعتصم بن حمود البوسعيدي (1985- 1990).
معالي الشيخ عامر بن شوين الحوسني (1990- 1997).
معالي الدكتور خميس بن مبارك العلوي (1997- 2004).
معالي عبد الله بن سالم الرواس (2004- 2011)
معالي أحمد بن عبد الله الشحي (2011- 2020)
وقد كانت الانطلاقة الأولى للبلديات من النطق السامي في احتفالات العيد الوطني الثاني المجيد موجهه للزملاء السابقين الذين لم يُكتب لي أنَّ ألتقِ بهم ومنهم من رحلت ذكراهم عن ذاكرتي المتخمة ومن لا زالوا معنا يتدفأون من ذات الجدران ويشربون من نفس الكأس ويمسدون على الملفات التي قمنا بالتكشيف عليها على مدار سنة ونصف السنة عندما كنّا في الفريق المشكل في الوحدات الحكومية بعد المرسوم السلطاني القاضي بإنشاء الهيئة العامة للوثائق والمحفوظات.
وبين أروقة الوزارة حين دخلتها خلسة ذات وقت وقد كنت تائهًا وكأنني في ساحة نزال؛ لا أعلم عنها عدا أنّني في نهاية الشهر عليّ أنَّ أذهب إلى ماكينة البنك للتشييك على راتبي وعليّ أنَّ أفتح حسابًا وأدلف ومعي الورقة البنكية التي تجيز لي الدخول إلى الدائرة المالية وفيها عضو اتحاد الهوكي العزيز أحمد بن يحيى الرئيسي، أتحسس خطواتي بين الممرات ولا أعرف عن الإجراءات المتبعة ولا أعلم كيف تدار أوراق المعاملات بين الأقسام، وبين تلكَ الفترة الزمنية وانقضاء السنوات تفيأتُ رواق البلديات من زاوية أشبه بالبيت الثاني وفيها ارتبطتُ بشخوصٍ وأحداث خرجنا من مسرح العمل إلى مساحاتٍ أكثر رحابة وأكثر أُلفة واتساق؛ منها من بقيّ ومنها ما غاب عن الذاكرة وقد يأتي الوقت لأسردها بين الأنام لعلها ستكون مادة تهم البعض ولعلها تكون مذكرة من المذكرات التي اعتدت كتابتها في مساقات الحياة؛ أرجعُ إليها بين الفينة والأخرى؛ مستذكرًا الحنين إلى كلِ شيء.
مددتُ عنقي لأرى اللوحة الأمامية في واجهة مبنى البلديات اُنتزعت كالأرنب المفزوع، امتد بصري إلى الرواقات الداخلية مجددًا عائدًا إلى حيث البدايات ومستذكرًا بعض من تفاصيل التفاصيل، كانت موحشة أشبه بالصمت المطبق في غُرف الظلام، دخلتُ إلى الممر المفضي إلى دائرة التوعية والإعلام؛ فإذا بالكراتين تُلَملمُ في أحشائها رفات أوراق ومستندات الزملاء والزميلات، أخفضتُ رأسي بتململ إلى الدور الثالث الذي اعتدتٌُ عليه نابضًا بالحيوية، وجدتني وكأني في جزيرة مليئة بالأشباح؛ يتراقصُ فيها أصحاب الياقات الصفراء من ذوي السحنة الآسيوية، عفوًا أيها الفلج الجاري في أجهزة موظفي دائرة الأفلاج وملفاتها وذاكرات أجهزتها وفي أرشيفات التلفزيون العُماني بصوت العملاق حسن الفارسي، عفوًا أيها السد العالي في الصور التي تزين جدران دوائر موارد المياه في أقسام السدود، إنني أُصدم بواقعٍ أحلاه مر ومره حلاوة، فما عادت سكنات الرفاق ترتع في المكاتب كما كانت وكما كنتُ أراها عند الزملاء الصحفيين في التوعية الباحثين عن أخبار من دواليب الرقابة الصحية وملفات موارد المياه أو خطط تحدد مسار البلديات من مديرية التخطيط والدراسات أو أوامر تغييرية من دائرة المناقصات أو قرار نافد يُدلق في اجتماعٍ طارئ في قاعة مكتب الوزير في الدور الخامس؛ توضعُ على طاولة التنفيذ وفيها إخوة وأخوات في البلديات على أهبة الاستعداد؛ لأن يكونوا الساعد الذي يبني على القرارات التي خرجت من بنات أفكار زملاء في الدائرة القانونية ولهم في الوجدان رسائل سلام وتقديــر على كلِ ما قاموا به ويقومون لِتُطبّق في الميادين وأنَّ يكونوا المخطط والمنفذ والمشرع؛ فالميدان يُعلم الكثير والكثير من واقع تجارب يومية ولحظية وشتان بين الفريقين وكلاهما يُكمل العزف على وتر المجتمع الوظيفي؛ من مكانه.
مهلًا أيها الرفاق أنتم لا تقرأونَ يحيى المعشري في شخصه وفي تفكيره وفي الأيدلوجيا التي يتبعها في إبداء رأيه؛ عندما كتب عن شخصيات وأحداث ومناسبات حدثت في مسرح البلديات، تمهلوا قليلًا واقبضوا على فناجينكم المشعشعة من يدِ زايد المعولي ورتّلوا آيات المحبة والعشرة من الزاوية المشرقة التي يراها كلُ ما عاش تحت أسقف البلديات، نعم؛ أيها الرفاق أنتم تقرأونَ مسارات مررتُ ومررتم بها في أجزاء البلديات؛ حلوها بمرها؛ فكانت رسائلكم موجهة إلى المجتمع بأسره وكانت خدماتكم شملت رحاب الوطن بأكمله.
وجهت بصري إلى اللوحة المعلقة على مدخل دائرة الموارد البشرية ودائرة الشؤون الإدارية فقرأت الإطارات التي حددت مسارات البلديات وشكّلت الملمح الذي تتدفق منه الاختصاصات والتشريعات وتتحرك الإرادات وهمم الزملاء كلٌ من مكانه وكلٌ ومهامه الوظيفية، فأعود إلى الإطار المؤسسي الذي أشعل البدايات في البلديات بمساعدة كريمة من الأخ العزيز علي بن سعيد البلوشي- مدير دائرة التوعية والإعلام؛ لِيُضيء معارفي بلبنات تأسيس البلديات وكانت البداية بصدور المرسوم السلطاني في عام 1973 الذي قضى بإنشاء ثلاث بلديات فكيف بدأت وكيف كانت تدار ولكم أنَّ تتخيلوا الصعوبة والعناء لتطوير أرضِ جدباء خرجت من شرنقة الإرهاصات لبناء مؤسسي جديد وفق قالب وإطار زمني بحاجة إلى دفعة راسخة من العزم والإقدام سطرتها أيادٍ بيضاء عملت بعيدًا عن ستاندات الكاميرات وأضواء الشاشات بفكرٍ سامق قاده السلطان الراحل قابوس بن سعيد رحمه الله.
وفي قطاع موارد المياه بدأ مضمار الانطلاقة الأولى في عام 1975 بمرسوم سلطاني قضى بتشكيل مجلس موارد المياه لتقديم خدمات استشارية لمجلس التنمية في كلِ ما يتعلق بمصادر المياه، هكذا كان لا بد للقدر المتربص للمستقبل أنَّ يبدأ حكاياته وينسج خيوطه باقتدار ولم يستمر المشهد في قطاع موارد المياه على ذات الوتيرة قبل أنَّ يلفظ مسماه بمحاكاة أخرى تسعى لتأمين استدامة المياه وفق الرؤية السلطانية؛ فصدر المرسوم السلطاني في عام 1979 القاضي بتشكيل الهيئة العامة لموارد المياه؛ لتتولى مسؤولية تحديد وتقييم موارد المياه على المستوى الوطني، نفتح نوافذنا هنا للطيور لنسافر نحو كواكب أخرى كانت هناكَ في الزمن البعيد وكنّا لا زلنا لم نتشكل ولم نبصر الحياة بذلك المنظور. وفي نظرة سلطانية أخرى للتشكيل الوزاري في عام 1985 صدر المرسوم السلطاني القاضي بإنشاء وزارة البيئة وموارد المياه ولم يتصرم ذات العام قبل أنَّ يلمح الوطن في الرؤيا السلطانية المرسوم السلطاني القاضي بإنشاء وزارة شؤون البلديات الإقليمية فكان الخطاب السامي الحريص على توجيه العناية للعمل على تنمية موارد المياه لاكتشاف مصادر جديدة وفق خطة زمنية مدروسة تتناسب والزمان والمكان.
كانت الخُطى فيه حجًا وصلاة
وترنيمة حسناء أرخت جدائل شعرها
على مرايا تعكسها ساعة الزمن!
وفي عام 1989 أتت التعليمات السلطانية بإنشاء وزارة موارد المياه وفيها خط الشاب الصغير أُولى طباشيره الرسوبية على لوحة مركز المعلومات والتوعية وفي عام 1991 توجهت أنظار المجتمع إلى المرسوم السلطاني القاضي بدمج كل من وزارة البيئة ومجلس حماية البيئة ووزارة البلديات الإقليمية لتصبح بعد ذلكَ وزارة البلديات الإقليمية والبيئة، ولا مرة عند النافذة نطل على الطيور الهاربة من أعشاشها فنهرب معها وتهرب ساعة الزمن، وفي عام 1994 قضى المرسوم السلطاني بنقل المسؤوليات والاختصاصات المتعلقة بالسدود والأفلاج من وزارة الزراعة والثروة السمكية إلى وزارة موارد المياه، وكأن الزمن يعيد جدولة نفسه في مسرحنا وفي مشهدنا. وفي أقل من عقد من الزمن بالتحديد في عام 2001 بدلت عُمان قمصانها فصدر المرسوم السلطاني القاضي بدمج وزارتي البلديات الإقليمية والبيئة وموارد المياه في وزارة واحدة تسمى وزارة البلديات الإقليمية والبيئة وموارد المياه وفيها هذه الأيام ساعة الانطلاقة الوظيفية الملتهبة لي في المجتمع الوظيفي وكانت الشعلة التي أوقدت جذوة خوض غمار العمل، وفي عام 2007 تم تعديل اسم الوزارة بمرسوم سلطاني لتصبح وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه ومنها تبوأت عُمان التاريخ بإنشاء أول وزارة تعنى بالبيئة بمسمى وزارة البيئة والشؤون المناخية المتاخمة للمبنى الذي تصرم فيه عمرنا سنوات من الكفاح والعمل.
///
أحجّ كل صباح ورهطٌ
من الأصدقاء
نتسابقُ إلى مقاعدنا في دائرة الصحة الوقائية
نصيخ السمع إلى حكايا أبا ناصر ودرويش البلوشي وأبا أحمد المخيني
وكأننا على موعدٍ ليوم جديد
الطلبة كبارٌ ومعهم هواتف
لا يغشون
لا يهدأون
يقطعون المسافات ويقودون السيارات
هم هكذا على مقاعد الانتظار ونحن نقابلهم.
لم أتخلَ عن جذوة مسرح العمل ولم أخرج من الإطار المؤسسي للبلديات كما اعتدت أنَّ أبعد كل ما يرنو من العمل بعد أنَّ أدمغ أجهزة البصمة إيذانًا بموعد الانصراف إلى الفضاء الرحب الآخر فأعرج على كتابتي كل ما سنحت الفرص؛ لأعبث بأزرار جهاز الحاسوب الذي يحيلني إلى المرسوم السلطاني رقم 24/2019 القاضي بإنشاء مركز سلامة وجودة الغذاء وفي مرارة الفراق وحلو الانتصار الذي أراه نشوة في وجوه الزملاء والزميلات الذين جالت أمانيهم لأن يكون المركز بحلة مختلفة بعيدًا عن الإطار الحكومي المترهل؛ لكنّ التوجيهات يبدو أنّها تعاند أماني الزملاء، أنظرُ شذرًا إلى وجوه المقربين مني، رأيتها وكأنها متهالكة فتهمس بخجل "المركز ليس ملكية شخصية، المركز كيان تبعثر أشلاء بين ثنيات المكاتب، المركز بحاجة إلى حضنٍ جديد، إلى أمٍ بديلة ترعاه حتى يكبر ويصبح الرصاصة التي تنشب من عنق الأماني، هنا؛ عليّ أنَّ ألتزم الصمت، ألم يقل الصينيون يومًا "الصمت إجابة بارعة لا يُتقنها الكثيرون!؟ فوثقت الحسرة بتغريدة عابرة ذات وقت قائلًا: "أضع عيني بتؤدة إلى ذلك الفراغ وأسائل الذاكرة عن سكنات الزملاء في البلديات وهم يرسمون ملامح هذه الترنيمة وأجهش على أحلامهم! مهلًا أيتها الحروف تحلي بالجلد، وابقي في مذكرات دفاتري. (مركز سلامة وجودة الغذاء).
تفرغت هذا اليوم؛ لأتجول بين ممرات مبنى البلديات؛ أبحث عن نوافذ مفتوحة للطيور وكأنّي أطوف بين السعي والمروة، أبحث عن الزملاء الذين لا زالوا يترقبون أضواء النهارات في ليالي عتمتها غربة الانتقالات، ظللت أهفو بخطى متثاقلة بين أقسام الشؤون الفنية لعلي أُلقي تحية الوداع على الدكتور العزيز با عوين، هذا الرجل البشوش الذي لم أتشرف بالكتابة عنه وعن خصاله ومناقبه ولم تسنح لي الفرصة للحديث عن التفاتة الرفقاء حوله؛ محبةً وإخاء، بحثت بين مكاتب الشؤون الفنية عن بعض الوجوه التي تربطني بها ابتسامة عابرة كفيلة بإزالة الرتوش والندبات التي ألقاها من بعض الوجوه العابسة في المديرية التي أعملُ بها، فما أقرب البعيد وما أبعد القريب في حيواتنا وتعاملاتنا!، بحثتُ عن كاميرة بركات السليماني؛ لأوثق زيارتي هذه للمديرية العامة للشؤون الفنية والمديرية العامة للشؤون الإدارية ومكتب أمن الوزارة لِأُلقي تحية السلام الأخير على وجوه قد لا ألتقِ بها بعد عامي هذا ويومي هذا؛ وقالوا لي أنّها انتقلت إلى رحمة الله، ما هذا الهذيان الذي يعتري لجّة مشاعري، أظنهم قالوا إنها انتقلت إلى وزارة الداخلية؛ تخالج من تبقى، أين البقية هذه الأسئلة التي بتُ أطرحها على الذين أصادفهم في وجهي من الذين لم تشملهم الهجرة بعد، قالوا لي، إنهم أطفأوا الشموع في مبنى البلديات بالخويــر في زمن العزلة واختاروا حضن الأم الرؤوم.
إنها الأحد الكئيبة التي وجدتني أبحث عن كل شيء في مبنى البلديات، لا شيء عدا طقطقة الأبواب وصراخ الصحون في المطابخ، وأنا وفريق الدعم الفني المناضل الذي لا زال يقاوم العثرات بتؤدة وجلد.
أقبض بقوة على الهيكل التنظيمي لوزارة البلديات فأراه يفلت مني بسهولة إلى خياره الأفضل، أطالع لوحة الجوائز التي تصدرت بها البلديات نظيراتها من مؤسسات الدولة في الجودة فأرمق اشتغال وعمل دؤوب خرج من قمقم تحديات بذلت بين أقسام الجودة.
شموخ الصمت يطفئ لهيب الفراق؛ حيث لا تتلاقى الوجوه بالوجوه إلا في العوالم الافتراضية؛ حيث يخبو التوقد الذي أعيشه وأنا أمسد على حاشية الورق؛ حينما يطول الوقت وتتلاقى عقارب الساعات مرات ومرات.
في غرفة الدعم الفني
وفي غرفة فريق الدعم الفني؛ تواريت خلف وجوه أتت لتختار مكاتبها الجديدة في مبنى البلديات وأحسبها لم تختار هذه المهمة لولا الظروف، هرعت بنفسٍ مجدورة لسؤال الأمين العام لشؤون المحافظات وكأنّي أترجاه أنَّ يبقينا قليلًا نلتقط صورة أخيرة للحياة ونتناسى جائحة كورونا والتنقلات، إنها شهوة الحميمية بما تحمل من مشاعر، هل يغيب الإحساس العميق بدواخلنا فور أنَّ تزهر بنا الحياة في مخدعها الحديث؛ تحت ندف البيت الوظيفي الجديد، بعيدًا عن سلامنا القديم، بعيدًا عن بعدنا الروحي ونحن بالقرب من بعض جسدا- كبرنا والكبار لا يبكون!
سنعض بالنواجذ ونخوض في يمّ التأمل ونقوض ذلك الوخذ على فراق من كانوا بيننا؛ دماء محبة؛ خرجت من صلب المجتمع الوظيفي وأمكنة سجلت لنا مساحات بوح؛ كألسنة تدلق في خدر الندامى.
أخيرًا كانت البلديات صفحة ناصعة أدركنا أنّها لن تُطوى بما أنّنا نفترض حضورنا الأبدي، فلنحمل أحلامنا وأدواتنا وكاميراتنا وأشواقنا؛ لنؤرشف ذاكرة هواتفنا بصورٍ تبقينا في الذاكرة ما دمنا على قيد الحياة. وداعًا البلديات؛ هل تركنا نوافذنا مفتوحة للطيور!؟
///..... ///
أرجو لكلِ من قرأ هذه المتاهات من زملاء وزميلات البلديات؛ أنَّ يعقب على البلوج في خانة التعقيبات بدعاءٍ صادق؛ لأخٍ وأخت تزاملوا يومًا في كيان #البلديات.
تعليقات
إرسال تعليق
مؤكد تعليقاتكم محل اهتمام