على طاولة المول أتأبط محطة زافون الثالثة سجين السماء!



في اللحظة التي تلقي بظلالها على الصباحات في زنزانة أغسطس؛ بما تحمل في طياتها في فضاءات مسقط العامرة؛ الحافلة بأحداث أخبار المدينة وساكنيها، نترقب القرارات الجديدة في العالم المليء بالتنكّر لأبسط الأشياء، وضعت رواية "سجين السماء" للراحل كارلوس زافون على منضدة المقهى المليئة بفوضى الأفكار وزحمة التساؤلات، أتنصل من مسؤولياتي وأغور في رحلة ثلاث مائة وخمسة وستون ملحمة وسؤالا، كل واحدة منها أشبه بالحياة، أحبس أنفاسي مع مقبرة الكتب المنسية، أرضخ لزافون وهو يتلاعب بي ككرة النرد؛ ذات اليمين وذات الشمال، أعيش العزلة لأسبر أغوار العلاقات الإنسانية لزافون كيفما يشاء، لعلي أجد ضالتي في "سجين السماء" بعد أن وقعت  من أعالي "ظل الريح ولعبة الملاك"، فها أنا اليوم أمخر عباب محطات برشلونة؛ رفقة "فيرمين" و"إيزابيلا، رحلتي هذه لهذا اليوم في أحد مولات مسقط؛ أهيم في سكنات حركات زائريه، أصيخ إلى أصوات دبيب أقدام المارة التي تندس وراء الدهشة، آذانٌ تسترق السمع ونظرات البارستا جهاد البلوشي ترمق الجالسون في المقهى، أعين معلقة في وجوه المارة وأفكارٌ تتحدث عن الجديد في هيكلة الحكومة، الأجهزة المحمولة بدأت تلفظ أخبارها عن اللقاء المرتقب بين السلطان وأعضاء الحكومة، لم أعتد إيئلاء هذه الأخبار الكثير من الأهمية؛ لولا الصور التي بدأت تنداح في مجموعات إضاعة الوقت عنوة؛ كجريان النهر على ضفاف أراضٍ يابسة مليئة بالأحراش، ضللت أصيخ السمع إلى الرجل المسن خلفي وهو يتحدث بعاميته المحلية، كل ذلك لا يهم؛ ما كان يبعث على الغضب الصوت العالي الذي يدلقه على مسامعي، تركت الطاولة برهة من الوقت بعد أنَّ عرفت أن فترة مكوثه في المقهى لا تتعدى بضع دقائق، هرعت إلى زاوية مواربة أتنفست الصعداء وبرحت مكاني، انتهت قصة الرجل وابتدأت حكاية الفتاة الجريئة مسؤولة المول الباحثة عن الكمامات في وجوه الزبائن الذين يفدون جماعات، من الصعب إقناع البعض بالتزام القانون خاصة بعد أنَّ أفصحت اللجنة العليا مساء الأمس عن الحزمة السادسة وهي أقرب إلى التعايش الشبه كلّي. هزّ أحد الجالسين في المقهى رأسه ساخطًا على هذا القرار العاجل الذي طرأ من إدارة المول. وبقيت أنا مسجونا مع زافون في زنزانته "سجين السماء!
لعبة الملاك، ظل الريح وسجين السماء 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكايات من عينت والشطيفي؛ جولة في تخوم مطرح

من باحة سيدي أبو العباس المرسي إلى بيت ريا وسكينة

بين الشخوص والأمكنة، تجوال في أحياء بلدة بوشر