تحت شجرة الرولة في شاطئ القرم؛ نتحدّى كورونا
يحدث أنَّ تحدث نفسك في بعض الأحيان عن ظروفٍ لم تكن في الحسبان وعن أحوالٍ تسقط في طريقك فجأة؛ كالثمرة التي تلفظها شجرة الرولة فوقنا؛ دونما ومضة اعتبار لحدوثها، لكنّها الأقدار وحدها التي تسوقها لكَ ولنسلم الأمر لله وحده في تصريف مجريات الأمور في لحظاتنا.
هكذا بدأنا نجتمع هنا في هذه المساحة؛ التي كنّا نراها ذات وقت مجرد قطعة لا أهمية لوجودها أو لم نكن نعدّها كذلك؛ نظرًا لكونها لا تشكل لنا هامش الرؤية الذي نحدق إليه بتمعن خلف عقلنا اللاواعي ولم يكن أكثر من مجرد نسيم هواء يلفحنا ذات اليمين وذات الشمال، لم تكن تلكَ الانطباعات سائدة في سالف الوقت كما يحدث الآن على الأقل قبل انَّ نجتمع هنا في هذه الزاوية؛ من أجل الحصول على صورة توثيقية نؤرشفها ذاكرة أجهزتنا الالكترونية واللوحية.
هي حكاية لم نضعها في الحسبان، وهي قصة بلا شخصية تتقمص دور الرائي؛ الذي يسرد ما يشاء من بنات أفكاره في مخيلة سردية يدلقها بأسلوبه المنمق كدأب ابن الرومية في الرائعة السورية الكواسر، في بداية القصة التزمت الصمت، كنّا نختلس النظر إلى هذا وذاك؛ دومنا تركيز وفي تلكَ الشخصية كنّا نسترق السمع إلى أنفاس هذا وتلك ونبضات قلبيهما تتسارع لتسابق الهواء الساكن فتتبخر فور أنَّ تصطدم بأشعة السمش الحارقة في سماء مسقط المعروفة بشدة حرارتها في فصل الصيف، يبدو أنَّ حدة الصيف وحرارة الأجواء كانتا أكثر مدعاة لكي نجتمع في هذه المساحة، وتوالت الأيام والأسابيع وكان الأسبوع الثالث أكثر قربًا وانسجامَا بيننا؛ فقد بدأ الإئتلاف يدق نواقيس العلاقات الإنسانية بين السحنات التي تجتمع هنا تحت شجرة "الرولة" باحثة عن الظل ولا تملك تحت وطأة كورونا كوفيد (19) الوافد العصيّ سواء التكيف وممارسة حياتها بأداء التمارين اليومية التي تعطي الأجساد مزيدًَا من القوة والطاقة وإن كنَّا محاصرين بالقوانين التي تُمارس علينا الضغوطات الجهات العسكرية التي تشرف على متابعة تنفيذ إجراءات السلامة من كورونا؛ لبعثرة تجمعاتنا، وقد استكانت بعض الأفئدة لنداءات العسكر وقاومت أخرى ذلك التيار مع الإيمان المطلق أنَّ الهدف واحد والغاية تنصب في صالح الجميع على أقل تقدير وفق ما كان يروج له، بدأنا نلجأ إلى أنجع التمارين المنزلية اليوتيوبية أو بما يعرف بتمارين "كارديو وكيجل" وبعض الأنشطة الرياضية التي كنّا نمارسها في سالف الوقت باسم التمارين السويدية وهدفها تهيئة عضلات الجسم وفق التسلسل الذي يحتاجه الجسم.
سرت همهمة استنكار عند أبا أحمد "سعيد الحبسي" وهو الأب الروحي الذي يدفعنا لمواصلة التمارين بهمة ونشاط، فكان يلتقي بهذه الأفئدة في مساحة لا تتجاوز الأربعة أمتار ولا يكون بينها رابطًا إنسانيا، عدا نظرات خانقة من بعيد يصرفها عن الجفاء وعدم الاكتراث الذي يفسره البعض ويضعه تحت مفهوم "طنش تعش تنتعش"- نعم؛ كنَّا نتبادل نظرات سريعة دون أنَّ ينبس أحدنا ببنت شفة وفي عصيرة عتمتها الغيوم؛ حيث تلاقت الوجوه بالوجوه وكانت ديمة المطر تتلفع هذا الفناء بخجل بعد أنَّ بدأنا نتبادل التحايا والأحاديث الودية، نبث في من تلفعته الدعة النشاط فينخرط معنا في معمعة التمارين، كل هذا لا يحتاج إلى دعوات عدا إيماءات تتحسس الجانب الإنساني وكان حامد فتى الأهواز مفتول العضلات وصديقه ابن العامرات أحمد يصيخان السمع إلى موسيقاهم التي زادت من وتيرة الحماس، لم نبرح تلكَ المساحة لحظة عدا لشد العضلات وتقويتها، وفي لحظة سكون أشبه بالصمت انطلقت صيحة هادرة من موسى ابن الأردن الذي تحدثت معه عن شارع عبد الله غوشة في عمّان وحدثته عن البتراء وجرش والمدرج الروماني وشلالات ماعين الكبريتية، واسترسل موسى يتحدث عن روعة المكان، يبدو أنّي سأتخلى عن تمارين الأماكن المغلقة التي تشعرني بالانقباض، قال موسى، هنا نحن نؤدي تماريننا في الهواء الطلق، نشتم روائح الطبيعة التي تبث فينا النشاط وتمدنا بالقوة، فجأة اندلقت منه عبارة مع غمغمة سريعة هيا يارفاق لنأخذ بعض الصور التذكارية؛ لتكون وأحدة من ذاكرة المكان والإنسان، هيا نرسم بورتريه اللحظات الجميلة التي ضمتنا في هذا المكان وقد أجمع عليها البقية، محمد باكساتني الجنسية ومهمته تمارين البطن وتقوية القدم، عبد الله الفزاري الشاب المرح، عامر الهاشمي رفيق السفر وتجليات الشاطئ، سالم العميري وهيثم الهاشمي، إبراهيم الهاشمي المهذب الذي يعطينا الدافعية للاستمرار، الكباتن حمدالبريكي ومهند الشبلي وبقية الرفاق هم ضمن نطاق قافلة البورتريه الذي نجتمع من أجله هنا، وكان شاطئ القرم بالتحديد البساط الأخضر حِمانا الذي نبدأ به عصيرة كل يوم وننهيه رغم وجود بعض العثرات التي تفرق الشمل؛ حينما يقبل الشرطي ببزته العسكرية مسديًا تعليماته والأوامر التي يتلقاها من المسؤول الذي لم يكن ضمن المشهد المرئي في مشاهداتنا اليومية.
للحديث بقية...
الاثنين 24 أغسطس 2020م
سيلفي معي والرولة وحكاية المكان
صورة تجمعني بالكباتن إبراهيم الهاشمي، أبو أحمد والشاب الأنيق موسى
البطل إبراهيم الهاشمي يؤدي تمارين التقوية
. الكابتن الخلوق حمد البريكي ونظرة تأمل بعد أداء التمارين
الكابتن الخلوق المهاري مهند الشبلي، هنا فليصمت الجميع
.
البطل إبراهيم الهاشمي يؤدي تمارين التقوية
. الكابتن الخلوق حمد البريكي ونظرة تأمل بعد أداء التمارين
الكابتن الخلوق المهاري مهند الشبلي، هنا فليصمت الجميع
.
يحيى المعشري
عفيه كوتش يحيى 💪💪
ردحذف