مسلم البادي ينزل من صهوة البلديات ويفتح صفحة أخرى لا تقل في جمالها.
يحيى المعشري ✍🏼
الأحد ٣ مايو ٢٠٢٠م.
...
عندما سمعتُ لأولِ مرة عن ترديد اسم مسلم البادي بإطناب من الزملاء في الرقابة الصحية بمبنى الخوير؛ أيقنت بعدها أنّ البلديات بأسرِها تتقن الاسم والهذيان الذي تدلقه الألسنة على مسامعنا لم يكن من فراغ ولم تكن مجرد كلمات تلقى جزافًا بين الأنام في اجتماعات قاعة الدور الرابع، ولم تكن عبارات غير مستساغة حاشا لله، فترديد الأسمّاء النبيلة بلسم على الروح ورشة عطر باردة تُلطف الأجساد النقية؛ في ليالٍ شتوية حالمة، وأنّ البلديات تعلم أنّه أحد مؤسِسيها وأحد أعمدتها وأحد النواخذة الذين أرسو دقل سفائنها على ضفاف البلديات بمديرياتها وبلدياتها وأفرعها.
وفي حين كنتُ أعدّ العدة لإنهاء معاملة نشترك فيها في خدمة الوزارة والمواطن، طلب مني العزيز علي العامري المدير المساعد بدائرة الصحة الوقائية؛ أنّ أرفع سماعة المكتب؛ لأهاتف الأعزّاء في البلديات في موضوعٍ يختصُ بأعمال الرقابة الصحية، ولأنّ الذاكرة المتخمة بالنبل تجاه الزملاء في مختلف الأقاليم قد بددت الكثير من الود وخانتني في أحايين عديدة وأزمنة مديدة، إلا أننّي على يقين بأن الحديث الذي أتذكره بيني وبين الأستاذ مسلم البادي بعد تحية الإسلام المليئة بالاحترام؛ لربما كانت عن المرادم التي تتصدر قائمة المواضيع أو ربما كانت عن المبيدات والحشرات أو دخلنا في معترك مكائن السونج فوج أو أقحمت نفسي في حديثٍ عن الأغذية المقلدة والفاسدة وكانت الاستفسارات التي ألقيها على الأستاذ مسلم البادي عن أهم طرائق رشّ المبيدات ومكافحة الحشرات وكان لا يبخل عليّ بإعطائي معلومات عنها وعن المناطق الصناعية وأنشطتها، ولم أعهدّ أنّ هاتفته يومًا ولم أجد الإجابة الشافية، فـ مسلم البادي أحد القلائل الذين تشربّوا من أعمال البلديات؛ فكان لا يبخل علينا بالمعلومة، ولأنّ السنوات تتساقط كما تتساقط أوراق الخريف، بلا شك أنّ رحلة الأستاذ مسلم البادي وكأي الشخصيات في مشوار الحياة تبدأ بالشغف وحب الاطلاع ومعرفة المزيد عن الحياة فقد بدأ مشواره الحافل بدخوله عالم القانون عندما أسس مكتبًا للمحاماة في زمن لم يكن لكل المهن ذلك القبول، لربما للفقر التحصيلي الذي لا يدركه البعض في تلك المرحلة وحينها كان مسلم البادي قد سبق زمانه وسبقَ كل التكهنّات في كيمياء الأعمال الحرة وكانت تجربة وحسب المرء أن يبدأ ويكتب الله له بعد ذلكَ أمرا، وعندما لم تطاوع السفينة ربانها ولم ترسو في المرسى الذي يريده ولا الشاطئ الذي يهواه، تخير العمل في دولة من دول الجوار وكانت تجربة أخرى أضافت الكثير في رصيده العلمي والمعرفي وكانت مغامرة أدرات روزنامة الانفتاح في حياته المهنية، ولأن من تعفر بتراب الوطن وتجذر فيه عشق الأرض عُمان أحسّ أنّه لا يمكن أنّ يعيد الكرّة على الرغم من تآخي المكانين؛ فآثر إكمال مشواره العملي بين أبناء جلدته وكان الخيار الذي شرفنا بمعرفته أنّ تخيّر البلديات؛ فيها البداية وفيها النهاية، متنقلًا من منصبٍ إلى منصب وقد كانت الخبرات العملية المتراكمة والشهادة العلمية التي امتشقها مسلم البادي آنذاك هي السلاح المتين التي دفعت به ليكون أحد القيادات في البلديات، وبين الأعمال الميدانية عندما كان مديرًا لإحدى البلديات وعندما تبوأ مديرًا للرقابة الصحية في داخلية الإمامة محافظة الداخلية وبين حضور الندوات والمؤتمرات العلمية واللقاءات العملية في مبنى الوزارة بالخوير في العاصمة مسقط. كونت من مسلم البادي شخصية عظيمة بحق، فلم تنتهِ المسيرة إلى هذا الحدّ ولا في هذا الطريق، فقد أوكل لمسلم البادي الاستزادة من الخبرات ونقل التجارب التي تشرّب منها إلى واحدة من المحافظات العصيّة في مساراتها الطويلة وطرقها التي لا تريد أن تنتهِ، فأناخ راحلته العملية والعلمية في محافظة الوسطى بوظيفة مدير للرقابة الصحية في مقرها في ولاية هيماء، وقد تشرفت بالقرب من العزيز مسلم البادي بصورة موسعة في الحملة التي أقامتها دائرة الصحة الوقائية والتي تصدر حضورها المهندس باسم الزدجالي والمعنية بالمبيدات وأهم الطرائق الوقائية التي تحفظ حق عامل رشّ المبيدات الرجل المنسي الذي كابد وكابد لتكون البلديات ركيزة من الركائز التي تهتم بالصحة العامة وكان العزيز مسلم البادي أحد المؤيدين وأحد الداعمين الذين أفرحني حماسهم وأبهجتني حفاوتهم ونقاؤهم، وقبل أن أخط آخر حروفي في مجموعة المديرية الواتسابية قبل يوم من كتابة هذه الحروف وقعت عليّ رسالة العزيز المهندس علي الغافري بألم الفراق، أنقلها لكم نصًا "الأستاذ الكبير مسلم البادي مدير دائرة الرقابة الصحية بالوسطى ينهي مشواره العملي في هذه الوزارة، رحل عمود آخر من أعمدة الرقابة الصحية وكان نعم الزميل والأستاذ والمعلم لنا في معظم القضايا والمشكلات التي كانت تواجهنا وكان الملجأ الأول! ربي يحفظه ويمده بالعمر المديد ويرزقه السعادة والخير الوفير" وتفاعل مع الرسالة الإخوة الأعزاء في الرقابة الصحية ومركز سلامة وجودة الغذاء ونختم القول عن هذا الرجل العصامي، مسلم البادي رحلة عطاء عامرة بالنقاء، فالأوفياء لا يرحلون، قد يترجلون من على صهوات الجياد؛ كأجسادٍ بيننا، لكنّهم يسكنون سويداء القلوب وتبقى سيرهم عطرة لا يمكن أن تُختّزل في كلمات ولا يمكن أن تمحوها السنون.
بالفعل
ردحذفنعم المعلم ابو علي جزاه الله الف خير لقد تعلمنا منه الكثير ولا زال يعلمنا والحمد لله على كل حال ونتمنى له التوفيق والله ييسر اموره.
ومشكور الاخ يحيى على الكلمات الرائعة التي طرحتها لمعانا ابو علي.
شكراً لك أستاذ علي والنعم في أبو علي.
حذفونعم الرجل الفاضل والمعلم المربي
ردحذفمسلم بن علي البادي
تعلمنا على يديه فن التعامل مع الجمهور
وحسن التصرف في تدبير الأمور. وفقك
الله ابوعلي.
كل الشكر والتقدير لك الاخ يحيى المعشري على كلماتك الرائعة ودائما انت مبدع ومتميز في مقالاتك
والنعم في أبو علي رجل مخلص، شاكر إطراءك أخي الكريم الله يحفظك.
حذفنعم الرجل لقدتعلمنا منه الكثيرلقد كان الملهم والمرشد لنا في درب الرقابة الصحية كان رجل مكافح ينجز بعض الأعمال بنفسة حين لا يبادر الموظف صاحب الأهواء والمصالح في اتمااام العمل...
ردحذفعلمنا القوة والصدق في اتخاذ الصواب لاي قرار وان نكون اصحاب ثقة في العمل الميداني
الله يحفظه ويوفقه في حياته. شكراً لك عزيزي
حذفنعم الرجل ونعم المدير ونعم المربي وقمة الأخلاق والتواضع مسيرة حافلة بالعطاء والتميز واحد أعمدة وزارة البلديات
ردحذفكل الشكر والتقدير والعرفان
أشهد إن ما قلت صحيح، الله يحفظه ويوفقه، شكرا لك
حذفللاسف...
ردحذفان مغادرة مثل (ابوعلي) موقعه هو خسارة للوطن والمواطن..
الجد، الاجتهاد، المثابرة، التفاني، انكار الذات، عمل اكثر حديث اقل، و العمل بدون ضجيج، كلها تدخل في النهوض بمستوى الاداء والارتقاء به، وعمل اتزان بين اسناد الموظف وعون المواطن، كلها عوامل قلما تجدها بين مسؤولي الوظائف الاشرافية.
انما هذه سنة الحياة ومتغيراتها.
لعله يجد ذاته التي افناها في خدمة الوطن وجاء الدور للعناية بالجانب الاخر في معترك الحياة ضمن مسالك دروبها، ومحطات قطارها المتسارع.
والله يعوضه عن الجور وعدم تثمين عطاءه من البشر، بان يرزقه بشارة وبركة في قادم ايامه بحول الله وقوته.
ولله في خلقه شؤون. واخر دعوانا ان الحمدلله رب العالمين.
والسلام.
أحسنت بورك قلمك أخي الكريم، الله يوفقه يارب.
حذفنعم الرجل الأخ العزيز ابو علي ، مسلم بن علي البادي لقد كنت قريب جدا منه عندما كان يعمل مديرا لدائرة الرقابة الصحية بمحافظة شمال الباطنة وبحكم وظيفتي سابقا باحث قانوني في ذات المديرية اجد نفسي وبشكل شبه يومي أتوجه إلى مكتب الأخ مسلم لمناقشة تحديات العمل المشترك بين الجانبين القانوني والصحي في محافظة شمال الباطنة ولم أتذكر إن خرجت ذات يوم بغير حل لكل ما تناقشنا بشأنه وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على الحكمة والخبرة العملية وسعت الصدر وتفهم لطرف الآخر، ولكن للأسف الشديد قوبل كل ذلك الإخلاص بجحود واجحاف في حق الكثير من كوادر وزارة البلديات الإقليمية تمثل في إصدار العديد من القرارات التعسفية مثل النقل والانتداب إلى محافظات بعيدة دون أي اعتبار للظروف التي يمر بها الموظف ناهيك عن موضوع الترقيات في الدرجات والمناصب الإدارية ، ونحن على ثقة تامة إن الله لن يضيع اجر من احسن عملا.
ردحذفأدرى رسالته ما عليه قصور أبو علي، الله يسامح ويوفق الجميع يارب، الله يحفظك أستاذي على تفاعلك.
حذفنسأل الله له التوفيق والنجاح في طريقه القادم ...
ردحذفأبو علي فعلا هو أحد المخلصين الاوفياء الذين عرفناهم في وزارة البلديات الاقليمية وموارد المياه
الله يوفقه والنعم فيه رجل مخلص، شكراً لك أخي الكريم.
حذف