إذا كان الطاقم الطبي ورجل الشرطة في الواجهة، فإن موظف البلديات في الصف الأول.
يحيى المعشري ✍🏼
الخميس ٩ أبريل ٢٠٢٠م.
مثلما نكتب عن عُمال النظافة على أنهم أبطال ولهم جهود عظيمة نلمسها بصورة مباشرة في حياتنا اليومية ونوسمهم بألقاب تحفزهم وترفع من مقامهم في مراتب عالية، هل تساءلنا يومًا عن أعمال يومية تضاهي ما يقوم بها عامل النظافة وهي من صميم أعمال البلديات وربما تحتاج إلى تركيز أكثر وبحث وتقصي بصورة أعمق؛ سأقص عليكم بعض الأعمال البطولية التي لم ينل القائمين عليها حظّ تسليط الضوء عليهم وإبراز جهودهم في مختلف البلديات؛ خاصة في جائحة كورونا الحالية أسوة بأشقائهم في الجهات الأخرى؛ لأسباب تعود إلى التسويق الإعلامي أو القصور الذي يشوب البعض في متابعة أعمالهم وينظر إليهم بمنظور غير منصف؛ كونه يمّس أعماله اليومية ومطالباته، ومع وجود جائحة كورونا كوفيد 19 انهالت الكتابات الصحفية والتغريدات التويترية والمدونات الفيسبوكية والمقاطع المرئية، تكيل المديح على الطاقم الصحي وأفراد الشرطة والأجهزة العسكرية الذين يسهرون الليل والنهار؛ من أجل تأمين صحتنا والحفاظ على أماننا والذود عن مكتسباتنا وهم واجهتنا ولا يمكن نكران الأدوار التي يقومون بها وهي ملموسة وجلية لسائــر أطياف المجتمع، نعم هل تساءلنا يومًا عن أبطال رشّ المبيدات والفنيين والمفتشين بسائــر البلديـات وإن كان من يعمل في المصحة والعسكري أبطال كما أسلفت في معرض حديثي، ماذا نقول عن من يتأكد من سلامة الغذاء الذي نتناوله في منازلنا وفي المطاعم والمقاهي وجلساتنا ورحلاتنا، ماذا نقول عن من يراقب محلات الحلاقة الرجالية ومراكز التجميل النسائية ومتابعة مدى التزامها بالاشتراطات الصحية والتقيد بأنظمة السلامة المتبعة في مثل هذه النوعية من الأنشطة المصنفة على أنها أنشطة عالية الخطورة؛ كونها بؤرة ناقلة للأمراض في حال أخلت بالمواصفات والمقاييس المتبعة خليجيًا وإقليميًا وعالميا، ماذا نقول عن من يفحص العينات مخبريًا في ظل التنامي المتسارع للتجارة الحرة وتزايد عمليات الاستيراد والتصديــر، سواء الموجودة في الأسواق أو القادمة من سائــر البلديات ومؤسسات الدولة العامة والهيئات المعنية بالمستهلك والمؤسسات الخاصة والأفراد، ألا يستحق هؤلاءِ أن يكونوا في الصف الأول، قال لي صديقي في يومٍ من الأيام، أتعرف عندما ذهبت في سنة من السنوات إلى الولايات المتحدة الأمريكية في وفد عُماني ضمّ عددًَا من مؤسسات الدولة، كنت ممثلًا عن إحدى الجمعيات المعنية بالمستهلك، أخذ يستطرد في حديثه، وأنا أحدق في الرواق الداخلي في القاعة التي ضمتنا وشخصيات من مختلف دول العالم، رأيت وضعية جلوس الضيوف تبدو تصاعدية، من الأسفل إلى الأعلى وكانت الصدمة الجميلة التي لم أكن أحسب لها حساب أن قال أحدهم عبارة مقتضبة، لكنّها وقعت عليّ حينها وقوع جميل، موظف البلدية عندنا في أعلى المراتب وهو ذلكَ الشخص الذي تراه في أعلى الكراسي في هذه القاعة، من يفحص الغذاء ليتم تداوله بين الناس مادة غذائية سليمة؛ تؤكل ويستصيغها العقل قبل الجسد، ترتاح لها العين قبل البطن، ألا يستحق هذا الشخص أن يكون في الصف الأول، من يفحص المياه ويتأكد من مطابقتها للمواصفات القياسية ومن يتجشم عناء الطرقات ووحشة الليالي المظلمة أو يتعرض للهيب أشعة الشمس الحارقة؛ تاركًا كل ما يحب من أجل تقصّي حالات غش في مطعمٍ ما أو مقهى في مدينةٍ ما في قرية نائية، تحتاج للوصول إليها مسافات طويلة وطويلة، أو تركَ وقت راحته بناءً على بلاغٍ عاجل وصله وكانت المسؤولية تحتم عليه التوجه الفوري للتأكد من ضبط حالة غش أو تدليس لـمنتجٍ في منشأة معنية بالغذاء وقد ينتج عن تداولها إلى حالات تسمم وقد يُعرّض الناس لهلاك لحظي أو بعد مددٍ طولية، ألا يستحق هذا الشخص أن يكون في الصف الأول، من تركَ سهاده في ليلة مليئة بالأحلام الوردية ويذهب ليتأكد من المناوبة الخاصة بعمال رش المبيدات الذين يخترقون الطرقات ويجوبون الأمكنة؛ يتابع الدخان والرذاذ، محدقًا في الحشرات والزواحف الضارة، معرضًا نفسه إلى مخاطر التعرض للمبيدات الكيميائية؛ في لحظةٍ كان فيها الجميع ساكن البال، يغط في نومٍ عميق، ألا يستحق هذا الشخص أن يكون في الصف الأول، والعديد من الأمثلة التي تؤكد الحضور الدائم من موظف البلدية ومنها الظروف المناخية التي عصفت بالسلطنة في السنوات الأخيرة وكان موظف البلدية في طليعة الذين يشمرون عن ساعد الجد وكان الترسانة التي تراقب سدود البلديات وأفلاجها وعيونها وهي بطبيعة الحال جهود لا تقل أهمية عن جهود بقية القطاعات الأخرى التي لا يمكن أن تختزل في مقالٍ كهذا. ألا يستحق هذا الشخص أن يكون في الصف الأول. ملاحق صور من جهود وزارة البلديات الإقليمية وموارد المياه في أغلب المجالات التي تهم المواطن.
تعليقات
إرسال تعليق
مؤكد تعليقاتكم محل اهتمام