عبر بوابة قلعة الفتح

 الأربعاء 10 أبريل 2019م
 
 
اندفعت باتجاه الفتح في رابية بوشر، أهيم فيها كيفما شاءت لي الأقدار، اندفعتُ وعيناي تحدقان إلى قلعتها الشهباء؛ ببرجيها الشاهقين ومراصدها التي صدّت أعتى الهجمات، ملقيًا نظرة على الأجداد ورائحتهم العالقة بين ثنايا جدران الطين والجص، متفحصًا في المنجل والإزميل وأدوات النقش على الأسقف التي تسامت معهم كما تسامت مع الطبيعة والبيئة، إلا أن القلق ظل يساورني وقبل أن أدنو منها وقفت على عاضد فلج الفتح المنساب، رمقتُ مياهه تخرق الأحراش وقد ضلت طريقها، كطلقة القناص التي أخطأت الهدف، تململتُ من رؤية المشهد المؤلم، جاهدت نفسي وحاولت مليًا أن أدفع أغصان الحشائش المتفرعة؛ كي لا تحد من انسياب المياه فتراجعتُ خوفًا من أن يلطخ الوحل دشداشتي البيضاء، كبياض الأكفان، عدت أدراجي وتمتمت بعبارة خاطفة لنديمي "بركات السليماني" في جولة التوثيق للأفلاج، سأدخل إلى الفناء الداخلي لقلعة الفتح أو بيت الفتح.. قلت، فأزحت الشآبيب المتفرقة من على جبيني؛ بعدما تساقطت من السماء، وإلى الدرج الموارب للشرفة الخارجية المطلة للمسجد صوبت أنظاري، امتطيتها كأي فارس تروق له رؤية الخيل وهي تعدو وتؤوب وفي حين يستعجلني "بركات" للمغادرة فأجهزة البصمة بدأت تومض انعكاساتها كالبرق، تلكأت على ناصية "الروزنة"؛ أطالع خشب الكندل وقد صُف صفًا كالبنيان المرصوص فانداحت مني عبارة مخنوقة، تبدو لي اللمعة على خشب الكندل مصقولة بوارنيش تصاميم اليوم، طفق العامل يضحك وانبسطت أساريره، لا أدري لماذا وما الذي حمله على الضحك في لحظة تمعني في أعلى السقف وقفت مشدوهًا متصلب القامة وفي حديثٍ عابر بعد أن أزحت طيف الأمس وتاريخه- ما الذي يقومون به، قلت للفورمن المسؤول على صيانة القلعة، لم ينبس ببنت شفة قبل أن يهاتف أحد العمانيين الذي قال لي: إننا نعيد ترميم القلعة، أومأت للفورمن وأنا أهز رأسي يمنة ويسرة على طريقتهم المعتادة، متأملًا في الغد القريب بعد أن ينهوا العمل، قفلت عائدًا أدراجي إلى المدخل الرئيسي وأشحت بنظري وكأني أقفُ على عتبات الماضي ونحن نخترق أزقة الفتح وصاد ومزارعها؛ خلايا أقراص النحل وتاريخها، سهولها وسيوحها، فأشحت بنظري إلى البيوت القديمة وقد غدت أطلالًا تكلست جدرانها، وفي الرواق الفسيح جهة الشرق لاحت لي الأبنية الحديثة بتصاميم اليوم وقد اختفت نتوءاتها لتعود إلى الحداثة كما ستعود بوابة قلعة الفتح إلى البناء الحديث.
,,,,
ملامح جيولوجية
في هذا الموقع من محافظة مسقط تتمازج مدينة مسقط العصرية بمبانيها الحديثة من النمط المعماري القديم للقرى العُمانية الأثرية، في إطلالة على جبال الحجر.
على اليسار في الجبل المقابل يمكنك مشاهدة منكشف لأفضل وأجود خامات الرخام في سلطنة عُمان، نظرًا لاحتواء الخامات على تركيب داخلي متراصف الطبقات بألوان متعددة.
وعلى اليمين يمكنك مشاهدة النمط المعماري العُماني القديم، حيث تعتبر هذه القرى الأثرية مزارات هامة تحكي تاريخ عُمان عبر العصور المختلفة، حيث كانت البيوت العُمانية تبنى من الطين والصاروج (الجص) وقد تناقل الأبناء من الآباء والأجداد هذه الحرفة التي بدأت تضمحل مع وجود مواد البناء الحديثة التي حلت تدريجيًا محل الطابوق الطيني والصاروج .
 




 


 







 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكايات من عينت والشطيفي؛ جولة في تخوم مطرح

من باحة سيدي أبو العباس المرسي إلى بيت ريا وسكينة

بين الشخوص والأمكنة، تجوال في أحياء بلدة بوشر