من رواق محمد ديزل


 يحيى المعشري
📃
 
الأحد ٣ مارس ٢٠١٩م
 
 
لم يرتدي البزة العسكرية؛ ليبين للناس أنه ذا جلد وشراسة وقوة بأس، ولم يرتاد يومًا صالات تقوية العضلات التي تبرز رجولته للمارة وعابري الطريق ولم يعاقر أدوية بناء الأجسام ليُفتتن بعضلاته في شوارع خور بمبه والزبادية ووادي خلفان، انه محمد ديزل البلوشي المطرحي، الإنسان الوطني الذي يتلفع برداء الوطنية في كلِ وقتٍ وكل حين، محمد ديزل أيقونة مطرحية ولا يحلو للزائر أن يحث الخطى إلى خواصر سكيك بناية طالب دون أن يمرق الرواق الذي يحتضنه وقططه، فإن لم يشاهده ينصرف إلى وجهته وما ينفك أن يقضي مشاويره وقبل أن يبرح السوق ليعود مجددًا للسلام عليه، فلربما كلمة حانية منك ومني تخفف عنه وطأة السنين وتمسد على جبين الأيام، ليحدثه لا عن أغرب متاحف العالم كمتحف الشعر في تركيا الذي يحوي خصلات شعر نساء العالم أو متحف ثقافة الجنازة في روسيا الذي يحنط ويحرق ويحفظ التوابيت المستعملة ولا متحف المعكرونة في اليابان ولكم أن تتجولوا بداخله كغيره بمجرد الضغط على محرك البحث في جوجل؛ ليحيلكم إلى عجائب متاحف العالم، فديزل هنا ينسج الحكايات والروايات ومن هناك في رواقه يأخذك بعمره الذي تجاوز الثمانين ربيعًا إلى إنسانيته التي ضجت منها وسائل التواصل عندما قام بتجبير القطة التي تعرضت لحادث في ساقها، وفي المناسبات السارة تجده حاضرًا ومباركًا وفي الأتراح تجده مبادرًا فيرسل تعازيه على أحر من الجمر فيتلقاها المعزين بابتسامة ليخفف من روعهم وتهدأ سرائرهم، فديزل عندما يواسي لا يعرف البروتوكولات ولا حفلات الشاي أو بروباغندا تزييف الأحداث.
وعندما يجول في خاطرنا اسمه نستحضر بيوت الطين ودقل القوارب الشراعية التي تحط على مرافئ الكورنيش حين زمن، نستلهم من ذاكرة الزمن أنبل اللحظات وأصدق العبارات، وعلى مشارف مطرح تحلق طيور النوارس على دبيب أقدام ديزل وهو يداعب حبات رمال الشاطئ، وفي اللحظات التي أردت أن أحظى بشرف مصافحة يده وأخذ صورة تذكارية بجواره وقبل أن أطوي صفحة زيارتي العابرة، في اللحظة تلكَ تنادي مذيعة البلديات اسمي لجائزة الموظف المجيد، عندها آثرت البقاء بجوار ديزل وشرف الحديث معه مستمتعًا بمواء القطط التي رفضتني في البداية كما ترفض أي غريب يمكث معه ولو لحظات.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكايات من عينت والشطيفي؛ جولة في تخوم مطرح

من باحة سيدي أبو العباس المرسي إلى بيت ريا وسكينة

بين الشخوص والأمكنة، تجوال في أحياء بلدة بوشر