المهندس ثاني بن سهيم الوهيبي حمل شهادة كالدونيان على ربيع القلب


المهندس ثاني بن سهيم الوهيبي حمل شهادة كالدونيان على ربيع القلب

كتب
يحيى المعشري
 

لحظة تتويج شهادة الهندسة من كلية كالدونيان
 للمهندس ثاني بن سهيم الوهيبي
من الدكتور راعي الحفل معالي أحمد الفطيسي وزير النقل والإتصالات

عندما عرفت ثاني سهيم لم أحتج أن أطرق أبواب المعرفة لأتقصى أخباره ولم أحتج أن أفتح صفحة كانت مفتوحة كانفتاح أفلاج موارد المياه على زائري عين الثوارة، وعندما كنتُ أرفع سماعة المكتب الداخلي لأحادث ثاني سهيم في دائرة التفتيش والشؤون الهندسية إحدى دوائر المديرية العامة للشؤون الفنية بالبلديات كنتُ أسترق السمع لمداعباته الدائمة وسكناته الهانئة، فكان يقذفني بعبارات الثناء والإطراء كل حين، فكنتُ كما كان يقول: في نظره اللاعب الأوحد والمراوغ الأوحد والمصنف الأوحد في ميادين المستديرة، وعندما كنتُ أتحين فرص الغياب لأي سببٍ كان، كان المبادر بالاتصال وهو أحد المؤسسين الحقيقيين لفرق البلديات بمسماها الحالي، كيف لا فقد أُوكلت إليه مهام إدارة الفريق الرياضي لكرة القدم، عندها لم يكن المدير الذي يمسك زمام الإدارة فحسب ولم يكن ذا شخصية كاريزمية متميزة فحسب، فقد كان يمقت القرارات الفردية في الأعمال الجماعية بمبدأ مؤسساتي صرف ولم يعتد بالشخصيات المتنمرة في تعاملاته رغم محاولة إقحامه في المجادلات ذات وقت، فقد ترفّع وتربّع على عرش الإخوة والزمالة بطريقته المرحة كعادته، ووجدتُ فيه الأخ في أروقة العمل ووجدتُ فيه المرحب والمحب في الفعاليات والمناشط ووجدتُ فيه الشامخ عند قيامه بالإحماء بجلد وهمة؛ تحفيزًا وتشجيعًا للاعبين.

وفي فبراير شباط من العام (1993م) حظيت وزارة البلديات بتعيين ثاني سهيم بين أروقتها ليعلن أولى صفحاته في ميادين العمل، عندها لم يكن الرياضي الأول في هوكي السلطنة فحسب، استقبلته البلديات بدبلوم الثانوي التجاري تحت مسمى فني مراقبة مبانٍ من معهد التدريب المهني، ثاني سهيم هذا المكنى بصاحب القبضة الحديدية عندما يربت على مضرب الهوكي هو ذاته الذي تشرف بمصافحة المقام السامي في منصات التتويج بطلًا متوجا عن لعبة الهوكي للعام (1992). وعندما أُجريت له مقابلة في مكتب التوظيف كنت أتساءل من ينال شرف القبول لحظتها الوزارة أم ثاني سهيم أحد أقطاب السلطنة المتعددة المواهب حينذاك، فلم يتلكأ عن طلب العلم ومعرفة الجديد في علوم تخصصه، ولم يترفع عن بني جلدته ممن لازموه المهنة وتشرب من صحبتهم، فقد رافق جديته في ميادين العمل إداريًا برفقة قرنائه في صرح الوزارة بالخوير وميدانيًا في ثغور البلديات من أقصاها إلى أقصاها، ممثلًا لـ(44) بلدية مصحوبة بـأكثر من تسعين فرعًا من فروعها في أقاليمها، وبعد ثلاثٍ وعشرون عامًا من التحاقه في العمل قرر ثاني سهيم تكملة مشواره العلمي في صروح التعليم وإزاحة عباءة التخاذل والدعة، فولج كلية كالدونيان التي احتضنته بفرح وبادلها ذات المشاعر متمسكًا بأقوال القائد المفدى في خطاب من أعظم خطاباته قائلًا "اطلبوا العلم ولو تحت ظل شجرة" وعندما لم يجد ملاذًا يلتجئ إليه بعد الله طالبا الحصول على فرصة تعليم تكريمًا لخدمته الطويلة فلم يلقى طلبه القبول، حينها لم يسوف القرار فأقبل على العلم وانكب عليه كما ينكب الفقيه على فتاواه، وأعرض عن المثبطين ولم يترك حاجزًا يعيق قراره الناضج على نار الشوق؛ رغم الضائقة المالية التي مر بها آنذاك، فالتحق بصرح كالدونيان الهندسي وجاهد النفس بين الوقت الذي يقضيه أثناء ساعات النهار وبعد أن يفرغ من العمل  إلى حين ولوج المساء القائظ في صرح كالدونيان العلمي، فوجد لذة أخرى تضاف إلى رصيده، فما أروع العلم عندما تعتريه أثواب الحب.. رسالة نثرية (علمني كيف أنثر الفرح في طريق العلم، علمني كيف أرخي أشواقي وأتشبث بأمل يفيقني من غفلتي، علمني كيف أكسر الخوف الكارثي على جبين المتخاذلين) إذن هي لذة قاعات المحاضرات التي قذفت بثاني سهيم إلى ميادين العلم، وبين حسيس جدران البلديات وصخب قاعات العلم بون شاسع لا يستشعر لذته ولا يستشرف آفاقه سوى من خاض تفاصيله، ومر الوقت وانقضت أعوام الدراسة التي قضاها ثاني سهيم يمخر خلالها عباب المقررات ويخوض في مياه التعليم النقية، وفي تلكم السنوات لم يتهرب ثاني سهيم من تخصصه الفني الصعب المتوافق مع عمله المهني في مقر عمله إلى أن أقبل عام الفرح الذي توجه عريسًا يتوشح رداءه الأسود ملقيًا أحر التحايا لمعالي الدكتور الفطيسي، وهنا يا ترى من الذي نال شرف مصافحة الآخر، أسئلة حائرة أضعها بين حروفي التائهة التي نست الوجه الآخر لثاني سهيم القاضي المحكم دوليًا للعبة الهوكي في الوقت الحالي.

قلتُ : هل ما زلتُ موجوداً هنا ؟ أَأَنا طليقٌ أَو سجينٌ دون أن أدري، وهذا البحرُ خلف السور بحري ؟ قال لي : أَنتَ السجينُ ، سجينُ نفسِكَ والحنينِ ، ومَنْ تراهُ الآن ليس أَنا ، أَنا شَبَحي فقلتُ مُحَدِّثاً نفسي : أَنا حيٌّ وقلتُ : إذا التقى شَبَحانِ في الصحراء ، هل يتقاسمانِ الرملَ ، أَم يتنافسان على احتكار الليل ؟ - محمود درويش

دعوة لحضور حفل التتويج
في عام (1992) قبل عام من تعيينه في وزارة البلديات
توج ثاني سهيم بطلًا في رياضة الهوكي من عاهل البلاد حفظه الله

تغريدة قليلة في حق ثاني سهيم الإنسان

 

الخميس 6 ديسمبر 2018م

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

حكايات من عينت والشطيفي؛ جولة في تخوم مطرح

من باحة سيدي أبو العباس المرسي إلى بيت ريا وسكينة

بين الشخوص والأمكنة، تجوال في أحياء بلدة بوشر