من كيمبي سماكي عبر الدالا دالا
مشاهدات ومعايشات من الجزيرة المنسية، زنجبار (1)
![]() |
المحاسب في الدالا دالا
|
وفي تجوالنا اليومي في #أنجوجا بأرخبيل زنجبار، عبر وسيلة النقل القديمة وهي الدالا دالا المعروفة لدى القرويين ومن يزور زنجبار، ومن يحبذ التنقل عبر وسائل النقل البدائية، تاركاً خلفه حياة الأبهات، وفيها نجد صاحب #الدالا_دالا ينتظر زبائنه كما انتظر بائع الكيروسين سكان مطرح وبوشر والسيب وما جاورهما عند بناية طالب ومدخل خور بمبه والعرين، ويعود سبب تسمية الدالا دالا إلى وصول هذه العربات حينذاك للجزيرة قبل أكثر من خمسين سنة وربما هيئتها كما يبدو لي تعود إلى الإقليم الهندي، فقد كان سعر الركوب آنذاك واحد دالا وهي عملة زنجبار القديمة وكان يتعلق منها رجل وينادي بأعلى صوته “دالا دالا” أي أن ثمن الركوب بدالا، وغالبا ما يكون ثمن بخس بالنسبة للمرتحل ويعني الكثير بالنسبة للقروي الذي يرهقه التعب من أجل حفنة من المال؛ تعينه على نوائب الحياة، كانت زيارتنا في اليوم ذاته لرحلتنا من مسقط، بعد ما حطت الطائرة في مطار كيساوني بزنجبار فجرا بتوقيت زنجبار، كان أحد المعارف في استقبالنا، فورا أوصلنا إلى المنزل المُعد للمكوث به، وبعد نومٍ عميق أذهب عنا عناء السفر وإرهاق الطيران الجوي، صحونا نشيطين مفعمين بالسعادة ورغبة الاستكشاف، فما كان ملاذنا لحظتها إلا وسيلة النقل الشهيرة في زنجبار وهي الدالا دالا، المفتوحة من الداخل ومقعرة على شكل باص نقل الذي يتسع لعدد خمسة عشر راكبا وأكثر، بدت لي الدالا دالا قديمة وبالية، لا غرابة فإنها تعود إلى سنوات سالفة، وهي وسيلة أشبه بالوانيت في الخليج العربي، قبل أن ينخرها الزمن وتصبح في غياهب المفقودين، فور أن ركبنا الدالا دالا، التي يتساوى فيها الناس من كلا الجنسين، فلا مجال للمساومة على من يركب هنا ومن يركب هناك، الكل متساوون في الحصول على كرسّي يقعد عليه بغية الوصول إلى مراده، النساء في الدالا دالا يزاحمن الرجال، بلا خشية ولا وجل، بلا تأفف ولا ضجر، الأطفال محملين بحقائب الدراسة والمصاحف، الرجال متوجهين إلى أعمالهم، الكل هنا في حراكٍ سريع وبدون تسويف؛ يذهبون إلى وجهاتهم باكرا، فمن "#كيمبي_سماكي" keimbi samaki مكان السكن الذي مكثنا به أغلب تفاصيل رحلتنا هذه، كنا نمخر عباب الأزقة، نساير القرويين ونحاكي خطواتهم، فكما يبدو لي بأن كيمبي يعود اسمها إلى شجرة الأمبا، صغيرة الحجم والتي تشتهر بها البلدان ذات الأجواء الاستوائية وهي متوفرة في زنجبار ومنتشرة في أرجائها وأجزاء من بلدان الشرق آسيوية، وسماكي يعود إلى السمك، وعندما تتحدث عن السمك عليك أن لا تفكر في أمره كما تفعل في البلدان المستوردة للسمك، الطريق إلى المفترق الذي يقودنا إلى مكان انتظار الدالا دلا من كيمبي سماكي قريب ولا يتعدى الثماني مئة مترا، وكان خالد يطلب مني في بعض الأحايين تشغيل إضاءة الهاتف، خاصة عندما نذهب فجرا إلى موقع التمارين الرياضية في شاطئ الجازمية ngazi mia والمعروف لدينا بالكاظمية وهناك تجد النساء والرجال يصطفون وكأنهم بنيان مرصوص، يمارسون رياضتهم وأصواتهم تتعالى، يدفون بأياديهم الهواء في حركة سريعة تنم عن قوة الجسد، يسبقهم المدرب بأرقام وصوته الأجش بنبض الحيوية ويبعث النشاط في المشاركين، موجا، مبيلي، تاتو، نني وإلى نهاية التمرين في أجواء حماسية لم أستطع لحظتها أن أكون في موضع المتفرج، قبل أن أهم بالمشاركة وفي غمرة الحماس، وقفت مشدوها كيف لتلكم النسوة أن يقمن بهذه الحركات الرياضية وكيف تبدو أجسادهن وهن يقمن بهذه الرياضات الشاقة، أيقنت لحظتها بأن ما نتعلمه في مدارسنا "درهم وقاية خيرٌ من قنطار علاج" مطبق هنا في هذا الشاطئ، أدوات التمارين بدائية جدأ، الطبيعة مسخرة لكل شيء عندهم، لا يمتلكون المال لشراء معدات التمارين كالتي نراها عندنا، لحظتها استل خالد هاتفه وصوب عدسته عليّ وأنا أداعب الكرة مع أحد أبناء زنجبار الذي لم يمانع مشاركتي.
![]() |
أستعد لركوب الدالا دالا |
![]() |
أمام متحف السيدة سالمة- إيميلي رويته |
![]() |
برفقة أحد أفراد قبائل الماساي |
الخميس 5 يوليو 2018م
تعليقات
إرسال تعليق
مؤكد تعليقاتكم محل اهتمام