بلجراد المدينة البيضاء وأنشطة الدراجات الهوائية
كتب
يحيى المعشري
ysk24@hotmail.com
خالد ويحيى رفيقان، ساقتهم الأقدار أن يزورا بلدين من بلدان البلقان، الأولى هي صربيا وعاصمتها بلجراد والأخرى هي البوسنة والهرسك وعاصمتها سراييفو، قدس أوروبا، وفي جولتهم هذه عايشا شواهد من الفن والشعر والإصرار والطموح والهدوء والسكينة، تحسسا فرط الجمال الساكن في هذين البلدين الذين عاشا فترات توتر في سالف الوقت، وفي هذه المقتطفات مغامرة جميلة لا تخلو من الإثارة، حدثت قبل زهاء عامين، فعليكم أن تحزموا أمتعتكم وتحلّقوا في سماء الترحال والمغامرة.
خالد ويحيى رفيقان، ساقتهم الأقدار أن يزورا بلدين من بلدان البلقان، الأولى هي صربيا وعاصمتها بلجراد والأخرى هي البوسنة والهرسك وعاصمتها سراييفو، قدس أوروبا، وفي جولتهم هذه عايشا شواهد من الفن والشعر والإصرار والطموح والهدوء والسكينة، تحسسا فرط الجمال الساكن في هذين البلدين الذين عاشا فترات توتر في سالف الوقت، وفي هذه المقتطفات مغامرة جميلة لا تخلو من الإثارة، حدثت قبل زهاء عامين، فعليكم أن تحزموا أمتعتكم وتحلّقوا في سماء الترحال والمغامرة.
![]() |
أنا وخالد أثناء تعبئة هواتفنا على ضفاف نهر سافا قبل القيام بركوب الدراجات الهوائية |
![]() |
وبعدما تاهت بنا
سبل السؤال للحصول على الدراجات الهوائية عندما فرغنا من سؤال موظف الاستقبال الذي
أبدى عدم معرفته وربما عدم اهتمامه بما نرغب؛ لكثرة السياح الذين يفدون إليه من
أقطار الأرض ومشارقها، فهو مشغول كما يبدو أو يريد أن يصرّفنا، كانت الأريكة
المواربة للاستقبال تعج بالسياح الذين ينتظرون دورهم في الحصول على حجز لإقامة يوم
أو يومين أو شبيه بحالاتنا زهاء ستة أيام، على الجانب الآخر هناك رجل غافياً على
الأريكة والكتاب على صدره، يعتمر قبعةً يستخدمها الهنود الحمر، عندها هممنا فورا
للبحث عن مكان تأجير الدراجات وكان علينا أن نبحر في العالم التقني للسؤال عن
أماكن الترفيه في بلجراد أو أماكن الأنشطة الرياضية بعدما استنفذها كافة السبل في
الحصول على معلومة من شخصٍ عابر أو أحد المارة الذين تستهويهم هذه النوعية من
الأنشطة، وتوالت عملية البحث في العالم التقني إلى أن وقعت أعيننا على المكان وهو
يبعد عن الفندق زهاء ثلاثة كيلومترات، فما علينا سوى تهيئة الجسد؛ بعمل تمارين
الصباح التي تسهل علينا جولتنا بعد تمديد عضلات الجسم ورخيها للبدءِ بتجوالنا كما
تم التخطيط له، وبعد أن قطعنا الطريق الموارب للفندق عند محطة القطار، كان علينا
أن نجر أقدامنا مشيا، فالاتفاق المبرم بيني وبين خالد أن لا نعتمد كثيراً على
وسائل النقل المختلفة، انحدرنا مسرعين؛ بعد أن تجاوزنا محطة القطار، مارين على
إحدى الحدائق العامة التي تحتضن اللاجئين السوريين وهنا همهمت لـ خالد بعد أن
رمقته خلسة، السوريين يدينون بدين الإسلام ونحن مسلمون فالأولى وجودهم في أرضنا،
تظلهم سماءنا ويدوسون تراب أوطاننا، قاطعني خالد قائلاً: وبدت عليه التأتأة وكأنه
يريد القول إنسَ الأمر ولا تكترث، نحن هنا مرتحلين، قاصدين البحث في هذه الأمصار
عن معالم البلدان ومعرفة حياة الشعوب، متناسين دياناتهم وماذا يعبدون وماذا يقولون
عنا وبم هم مشغولون، أردف خالد قائلا: انشغالنا بأوضاع المنطقة لا تفضي إلى نتيجة،
فالساسة هم المعنيين وهم من لهم الكلمة الحاسمة والمفصلية في الأوضاع السياسية وإن
أبدينا سخطنا وعدم تقبلنا، عندها فهمت مقصده وواصلنا المسير إلى محطة الدراجات
الهوائية وهناك شاهدنا لفيف من الناس من مختلف السحنات والمشارب، يطّوقون نهر
سافا، متلذذين بالدانوب، وعلى ضفافه يمارسون طقوسهم، هؤلاء الناس أتوا لربما لقضاء
ساعات أُنس على ضفاف صفحات التاريخ العالمي برسم طبعة تذكارية على ثاني أطول أنهار
الاتحاد الأوروبي المعروف باسم نهر العواصم كونه يعبر على أشهر عواصم الدول
الأوروبية ودول البلقان، هذا النهر الذي قلبنا مقرراتنا الدراسية لأجله ذات يوم
ونفخنا اللعاب لرؤية صفحاته المتتالية وأنا أقلب مآثر سافا والدانوب لفحتني نسمة
هواء باردة لتتلاشي حميمية المكان والزمان، فلذت إلى خالد بعد أن صرخ في وجهي
سائلاً سؤاله المباغت إلى أين سرحت وفي أي مكان توجهت خيالاتك أم أن المكان والناس
والحراك هم من أسروك.
![]() |
محل تأجير الدراجات الهوائية |
حوقلت وعدت إليه مجددا وكان قاب قوسين أن يفرغ من حجز الدراجتين
اللواتي يصحبنا في هذه الجولة الغير محددة الوجهة، كان سعر حجز الدراجة لا يتجاوز في حدود (700) دينار صربي أي ما يعادل (7) دولارات
أمريكي، تفحصت دراجتي ومسدت على إطاراتها الأمامية والخلفية وعدت إلى السنوات
الخوالي عندما كنت أروح وأغدو بها من بوشر إلى حلة السوداء المتاخمة للخوير في
جولات شاقة نظرا لنوعية الدراجات آنذاك، وبعد أن نقد خالد صاحب محل تأجير الدراجات
الأشقر من شباك صغير وضع للدفع النقدي أو عن طريق بطاقة الائتمان، فاخترنا الخيار
الثاني وركبنا الدراجات والفرحة تبدو واضحة على محيينا، فبدأت أتأمل في مباني
بلجراد ذات الطابع الهندسي الفريد، ملوحا نظري نحو التناغم الفريد على المباني
ومتانة الطوب والتنوع العمراني ذا الطراز الكلاسيكي، كل ذلك فور أن دست على دواسة
الدراجة وانطلقت بي وتركت خالد يتوارى خلفي، على الأرجح ذات الشعور انتابه وربما
أكثر، فهو الذي ذاع صيته من خلال مقالاته التي يكتبها في الصحافة حول رحلاته
ومغامراته التي تحبس الأنفاس بيومياتها، وهو الذي خط قلمه وأطناب الأسئلة التي
تسكن خلجانه، مستعرضا مغامراته، ساردا معايشاته ومشاهداته في الأسفار وهو الذي ضرب
الأرض على خمار الطبيعة متلذذاً ومستمتعا بالمشاهد التي يراها تناغماً وترياقا وهو
يبتعد عن روتين الحياة المعتاد، فمن يرى الترحال بهذا المنظور فإن تفحصاته في ما
يراه مختلفا مليا عن ما يراه أي متجول غيره ومع استمراري في السير بالضغط على
الدواسة كنت أقابل فريق آخر قادم من الاتجاه المعاكس وآخر يجر أقدامه، يسحب دراجته
بعد أن أعياه التعب من القيادة، الناس هنا لا يكترثون بأحد، الكل يعيش حياته وفق
ما يشاء ووفق ما يحب، مرت الساعات وعصا السيلفي ترافقني تارة وتارة يقترب مني خالد
لأقوم بتصويره والعكس، نمر على مروج خضراء تكتسي حواف الطريق، إلى أن لاح لنا جسرا
كبيرا يبدو عليه معلم من معالم بلجراد الشهيرة؛ نظير التوافد البشري عليه بغية
الحصول على صورة تذكارية أو سيلفي عابر يردفوه في صفحاتهم الخاصة أو يغلًّف في
ألبوم الذكريات في محلات التحميض، تتوالى الساعات والساعات ونحن نمرق الوجوه تلو
الوجوه، ونحن نسير في طريقنا رأيتُ بعض أبنية بلجراد الصربية لُطخت بوصمات العار
التي لم تغسل من حروب الإبادة الغاشمة مع الشعب البوسني الودود، رغم أن زيارتنا
هذه لبلجراد بعد مضي عقدين من الزمن بعد أن لفظت الحرب أوزارها وقد نسي الناس
وتناسوا القهر والطغيان فما الداعي من ترك الأبنية وطلقات الرصاص لا زالت واضحة
والتشققات والنتوءات لا زالت تشكل علامة يتذكرها من يمر هذه الطرقات، فغسلت أفكاري
وقلت ما الداعي من النبش في الماضي وما الجدوى من استحضار دناءة الحروب وقادتها
الذين أوقدوا نار الفتن والقتل والاغتصاب واستمررنا في مواصلة السير، فالوجهة غير
معلومة وطريق الدراجات ممهد وطويل، يمر على معالم مهمة من معالم بلجراد إلى أن رست
قافلتنا على ضفاف شاطئ كما خيل لنا، وعند سؤالنا أحد مالكي الأكشاك الذين رفدوا
المكان بأصناف المأكولات وأفضل ما يحتاجه الزائر لهذا المكان من خدمات، يبدو وكأنه
شاطئ، قلت لأحد ملاك الأكشاك، قال: وبدا عليه الانشغال في بادئ الأمر، عندما رمقنا
رمقة فاحصة تجلت من عينيه اللواتي تملؤهم نظرات مليئة بالدهشة مستمدة من خبرات
الزمان والمكان- من أين أنتم، قال لنا: من سلطنة عُمان أجبته، تصلبت قامته وبدا
مشدوهاً، باغته بإجابة أخرى لأقرب عليه ردي ولأجيب على تساؤله- نحن نقطن في دولة
خليجية تقع بالقرب من إمارة دبي، عندها هزّ رأسه وأومأ لنا إيجاباً وكأن المعلومة
وصلته.. نعم أعرفها، أما سؤالكم عن الشاطئ فإنه عبارة عن مياه لـ نهر سافا، تقطع
ضفتين، أما الجزء المقابل توجد به بعض المطاعم والمقاهي الراقية وبعض الممرات
وملاعب يمارس بها الهواة رياضة كرة القدم وأماكن للرياضات المصاحبة وألعاب التسلية
الأخرى، أما هذا الجزء وكما تشاهدون عبارة عن مياه نهر ولا يوجد في صربيا شواطئ
فما كان من الحكومة أو البلدية المعنية سوى أن قامت بوضع رمال شاطئية وكراسي
للجلوس يمتلكها ملاك المطاعم والمقاهي المجاورة ومن يرغب ويود التنعم والمكوث
بجلسات هانئة، أجواء تُشعرك بريحة البحر ومداعبة حبات الرمل الناعمة وتناغم أمواج
المد والجزر الساحرة، والكراسي ها هنا للاستئجار والذي يرغب وبحسب الاتفاق يستطيع
قضاء أوقات طويلة، الفكرة خلاقة قلت لـ خالد الذي بادرني نفس المشاعر وكأنه قرأ ما
يختلج مشاعري وتمتم بعبارات خفيفة قائلاً: هكذا تُصنع العقول وهكذا تدار السياحة،
ربَّ فكرة هزمت المستحيلات، شكرنا الرجل وطلبنا منه أن يزور السلطنة ويطلع على
معالمها ويسبر أغوار ما تحويه على أرض الواقع وسيسر بما يشاهد وقد يطلب البقاء بها
أيام وأيام، بعدها ودعناه وأخذنا منه رغيف من الخبز الأبيض مع قطعة جبنة صفراء
وحِساء وكان الجو قد زارنا وتمكن منا؛ بعد المسير الطويل ونحن نقود الدراجات
الهوائية، كان الوقت يمضي سريعاً وأقبل الليل ليعلن سدوله بعد أن داهم الظلام ضوء
الشمس قال خالد: هيا نعود أدراجنا، فقد داهمنا الوقت والساعة شارفت على السابعة
مساءً، لا تنسَ علينا أن نعيد الدراجات إلى صاحب المحل، ربما سيغلق المحل
فالأوروبيون لا يفضلون السهر وهذا الملاحظ من خلال الحياة الليلية في المحال
والمراكز التجارية، كيف نتصرف بالدراجات حينذاك، عدد من الأسئلة بدأنا نتقاذفها،
تارة أنا وتارة خالد، ما كان منا إلا أن عدنا مسرعين وهذه المرة أسرع وأقصر عن
توقيت مجيئنا، قفلنا عائدين مستمتعين بالهواء العليل ونسمات البرد تنعش وجوهنا..
عندها طويت عصا السيلفي ووضعتها في الحقيبة المعلقة على ظهري واتفقنا أنا وخالد أن
نسرع في العودة وبعد ساعتين ونصف الساعة وقعت خطى عجلات الدراجات الهوائية في
مقصدنا، لكن وقع ما كنا نتوجس وقوعه، حوقلنا باستغراب ودقت نواقيس الحيرة بعد أن
دبّت هواجيس القلق في وجوهنا؛ عندما رأينا المحل مغلق بعد انقضاء فترة عمل صاحب
المحل، أطلق خالد عليّ سهام نظراته بعد أن امتلأت ملامحه بأطناب الاستفهامات قائلاً: الناس هنا عندما تتحدث عن الوقت عليكَ
أن لا تجادلهم، فهو ضمن الأعراف والطقوس التي تعلموها وأتقنوا التعامل معها بحرفية الصياد وهو
يقتنص الطرائد من بعيد.. ما الحل؟ قلتُ لـ خالد: وبسرعة أطلقت بضع تمتمات باغته
بها، علينا أن نعود إلى تذكرة الحجز لربما يوجد بها رقم للتواصل أو عنوان صاحب
المحل حتى نستطيع إعادة الدراجات مغبة أن نتحمل ما يحدث من تبعات قانونية ومادية، لكن وللأسف
لم نجد رقم التواصل، بالتالي ضيعنا فرص الوصل إليه والخوف من قوانين الحجز التي قد
تدين صنيعنا وتوقعنا في محن لا نحسد عليها، عندها توجهنا إلى الحانة المجاورة
للمحل وكان النادل هذه المرة على غير الشخص في منطقة الأكشاك في التعامل من أول
وهلة كما بدا لنا، كانَ كهلاً نحيف القامة، يبدو عليها علامات الشيب من تقاسيم
وجهه، فقد تجاوز الستون عاماً وربما السبعون، لم يعرنا اهتمام في أول الأمر ولم
يكترث لأمرنا وعندما لاحظ علينا علامات الحيرة والوجوم ولا نعرف التصرف لحل هذه
القضية التي أوقعنا أنفسنا بها ولا ملام غيرنا في هذه الحالة، يا الله قلتها
بتأفف: لكن الرجل باغتنا بسؤال وقال: ما خطبكم؟ قلت له بلا تردد: لقد قمنا
باستئجار دراجتين من صاحب المحل المجاور لحانتك وحصل ما حصل ونحن لا نملك بطاقة
شحن، حتى نتمكن من محادثته، وعندما فرغت من حديثي وبخنا على هذا التصرف الأحمق
واستطرد حديثه قائلاً: كان عليكم أن تحترموا الوقت وكان عليكم أن تسألوا عن وقت
اغلاق المحل.. قال خالد: بعد أن وقع ما وقع لا نملك إلا أن نرضخ للأمر الواقع
والآن نحن بحاجة إلى مساعدتك سير، لحظتها بدت عليه نظرات الاستعطاف ولان جانبه وحن
قلبه ورمقنا بنظرات الأب لابنه الغارق في المصاعب وقال: توجهوا خلف المحل يوجد رقم
صاحب المحل ائتوني به، انطلقت مسرعاً وكأني في مضمار سباق وأحضرته فوراً، عندها
قام بمهاتفته وبدون تردد، لكن هيهات لم يستجب لنداءاته ولم تأخذه العبرة من رأفته
بنا، فقد اعتذر وقال وبدون مقدمات نلتقي غداً الآن موعد راحتي فلا يجب أن تقلقوني
وتشغلوني عن بيتي واسرتي في هذا الوقت المتأخر من الليل، ما كان من الكهل إلا أن
قال: خذوا الدراجات إلى الفندق وهذا ما حصل، فالنقاش لا يفضي بنتيجة ولا يوصلنا
إلى ما نرنو إليه، عليكم العودة إلى الفندق ومن بواكير الصباح تعالوا ومعكم
الدراجات وانتبهوا أن تضيعوا التذكرة؛ لأنها تحتوي على مبلغ التأمين لليوم الموالي
وهذا يعني أن تدفعوا مبلغ الساعات المتبقية فحسب، لقد سكب الكهل كلماته علينا
كالأم الحنون التي تسكب حنانها المتدفق على رضيعها فكانت لطيفة كالبرد، استأذنا
الرجل وشكرناه على نصائحه ووقفته الرجولية معنا، انحدرت وخالد بخطوات متأرجحة
وابتسامة متعبة على شفتينا جرّاء يوم شاق قضيناه بين أنياب التعب، وفور وصولنا إلى
الفندق طلبنا من موظف الاستقبال ان كان ثمة مكان للدراجات الهوائية فأشار إلى
الفناء الخلفي للفندق، فهناك مكان وقوف السيارات ويبدو أنه آمن، نظرت لـ خالد وأنا
مشتت الذهن وشبكت رؤوس أصابع يدي وحركتها بسرعة قبل أن نركن دراجاتنا ونعود إلى
غرفة النوم لنرتاح، وفي اليوم الثاني أفقنا نشيطين قاصدين صاحب محل تأجير الدراجات
بعد أن تناولنا افطارنا الصباحي في مطعم الفندق إلى أن وصلنا إلى مقصدنا وعندها
نقدناه بمبلغ إضافي بسيط على غير المتوقع وهنا حمدنا الله على فضله الذي سهل علينا
أمورنا وبعد أن تأكدنا من تسليم الدراجات صحنا فرحين وربّت على كتف خالد ملوحاً
له، علينا أن نواصل جولتنا إلى فضاء آخر من فضاءات الترحال الذي لا ينتهي.
الثلاثاء 5 يونيو
2018م
تعليقات
إرسال تعليق
مؤكد تعليقاتكم محل اهتمام